سموم الكتب القديمة.. قد تكون مميتة

علوم وتكنلوجيا 2024/09/18
...

 ستيفن بيتش
 ترجمة: شيماء ميران

كشف علماء عن أن بعض المجلدات التي يزيد عمرها على المئة عامٍ قد تحتوي على أصباغ سامة، لوجود الرصاص والكروم فيها، ما يصل الى ستة أضعاف المستويات القانونيَّة المقبولة، كما حذروا من الكتب ذات الألوان الزاهية أو المغلفة بالقماش والتي تعود الى العصر الفيكتوري.تبين إحدى الدراسات الجديدة أن بعضَ الألوان الزاهية هي أصباغ قد تشكل خطراً على صحة القرّاء وأمناء المكتبات.
كتب ذات أصباغ سامَّة
استخدم باحثون أميركان تقنياتٍ لم يتم تطبيقها على الكتب من قبل؛ بغية تقييم الأصباغ الخطرة الموجودة في إحدى المجموعات الجامعيَّة، ووجدوا أنَّ بعضها غير آمنٍ، ما أدى الى إزالة بعض الكتب من رفوف المكتبات، ووضع البعض الآخر - الذي يعود الى القرن التاسع - في أكياسٍ بلاستيكيَّة محكمة الإغلاق لتخزينها والتعامل معها لاحقاً.
قام مجموعة طلاب تضم طالبة الكيمياء أبيغيل هورمان وجعفر الجوراني وليلى عيص، يساعدهم الدكتور جوزيف وينشتاين ويب، أستاذ الكيمياء المساعد في ليبسكومب بإجراء الدراسة.
تقول «أبيغيل هورمان»، والمؤلفة المشاركة في البحث: «قد تكون هذه الكتب القديمة ذات الأصباغ السامَّة موجودة في الجامعات والمكتبات العامَّة والمجموعات الخاصة. ويمكن أنْ يتعرض المستخدمون للخطر إذا احتكت أيديهم بأصباغ أغطية القماش أو انتقلت في الهواء أو تمَّ استنشاقها. لذا، نريد إيجاد طريقة تجعل من السهل على الجميع العثور على الكتب التي يريدونها، وكيفية تخزينها بأمان».
بدأت الدراسة في مكتبة ليبسكومب، كان أمينها «كوهو وميكايلا روتليدج»، بالتعاون مع قسم الكيمياء بالجامعة لاختبار الكتب المغطاة بالقماش ذات الألوان البراقة التي تعود إلى القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين من مكتبة بيمان.
كان الدكتور «وينشتاين» مهتمَّاً بمعرفة كيف قام متحف وحديقة ومكتبة «فينترتور» بفحص كتبه الخاصة التي تعود الى القرن التاسع عشر بحثاً عن وجود مركب الزرنيخ المعروف باسم «أسيتوزرنيت النحاس».
لقد استخدم في العصر الفيكتوري اللون الأخضر الزمردي في الملابس وأغلفة الكتب من القماش.

البحث عن المعادن
أدى هذا الاكتشاف الى إطلاق مشروع «سموم الكتاب» الذي يستخدم فلورية الأشعة السينية (XRF)، و”مطيافية رامان” وتقنياتٍ أخرى للكشف عن الأصباغ السامَّة في الكتب حول العالم.
كلّف الدكتور “وينشتاين” طلاب جامعة ليبسكومب في العام 2022 للتحقق نوعياً من وجود مادة الزرنيخ أو المعادن الثقيلة الأخرى في أغلفة الكتب أم لا باستخدام تقنية XRF.
وتمَّ استخدام التحليل الطيفي للانبعاث البصري للبلازما المقترنة حثياً (ICP-OES) لتحديد تركيز تلك المعادن، وحيود الأشعة السينيَّة (XRD) لتحديد جزيئات الصبغة التي تحتوي على تلك المعادن.
رغم استخدام XRD سابقاً لفحص اللوحات وورق الحائط، لكن “ليلى عيص”  توضح أنَّ الدراسة الجديدة كانت المرة الأولى التي يتم فيها استخدامها للتحقق من وجود السموم في الكتب.
استخدم الفريق بيانات XRF لإظهار وجود الرصاص والكروم في بعض كتب. ولتحديد الكميات، قاموا بقص عيناتٍ بحجم مشبك ورق صغير من أغطية القماش ثم قاموا بإذابتها في حمض النيتريك، وأظهر التحليل وجود الرصاص والكروم بمستويات “عالية” في بعضها.
وأشار اختبار XRD اللاحق الى أنه في بعض الحالات كانت المعادن الثقيلة على شكل كرومات الرصاص (II)، وهو أحد المركبات التي تسهمُ في صبغة الكروم الصفراء التي يفضلها “فنسنت فان جوخ” في لوحات عباد الشمس.
ولكنْ كانت هناك كميَّة من الرصاص أكبر بكثيرٍ من الكروم في أغلفة الكتب، والمثير للاهتمام أنَّ كرومات الرصاص الثنائي تحتوي على كميات متساوية من الرصاص والكروم.
يشتبه فريق البحث أنَّ الأصباغ المستخدمة لتلوين الكتب تحتوي بالإضافة الى الرصاص على أكسيد الرصاص (II) أو كبريتيد الرصاص (II). واليوم يعملون على تحديد المركبات الأخرى الموجودة في الصبغات الصفراء.
أراد دكتور “وينشتاين” والطلاب معرفة ما إذا كانت مستويات المعادن الثقيلة الموجودة في كتب ليبسكومب يمكن ان تكون ضارة لأمناء المكتبات الذين قد يتعاملون معها. واكتشفوا في بعض الكتب أغطية معدنية بتركيزات أعلى من الحدود القانونيَّة المقبولة.
كان تركيز الرصاص في العينة المذابة من الغلاف الأكثر تلوثاً أكثر من ضعف الحد الذي حددته مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، بينما تركيز الكروم ما يقارب من ستة أضعاف الحد المسموح به.
يؤدي التعرض المزمن للرصاص او الكروم المستنشق الى مشاكل صحية منها السرطان او تلف الرئة او مشاكل الخصوبة.
يقول دكتور “وينشتاين”: “من الرائع معرفة ما اعتقدت الاجيال السابقة انه آمن، وربما لم تكن فكرة استخدام هذه الأصباغ البراقة فكرة رائعة”.
قادت نتائج البحث الى ختم الكتب الملونة التي تعود الى القرن التاسع عشر والتي لم يتم اختبارها بعد، وجمعها في كياس بلاستيكية قابلة للغلق لتخزينها والتعامل معها لاحقاً. كما تم ختم الكتب التي ثبت احتواؤها على أصباغ خطيرة في أكياسٍ وإبعادها عن التداول العام.
عن موقع talker.news