التضخّم العقاري

اقتصادية 2024/09/18
...

ياسر المتولي

التضخّم العقاري مفهوم اقتصادي جديد أو لنقل مفردة اقتصاديَّة جديدة بدأت تطفو على الساحة من قبل عدد من خبراء الاقتصاد حول العالم.
ولغرض تتبّع مراحل وأسباب هذا المتغير الاقتصادي لابد من الإشارة (للتذكير) إلى أنَّ هناك اعتقاداً سائداً بأنَّ الاحتفاظ بالعقار (ملك) طويل الأجل أفضل وسيلة للادخار على أمل ارتفاع الأسعار والاستفادة من فرقها.
كان ذلك يجري في وضع اقتصادي مختلف، حيث كان عدد الملاك قليلاً قياساً بنسب السكان وفق هذا المنظور.
ولعلَّ ما عزّز هذا الاعتقاد أزمة السكن التي توسّعت طردياً مع نموّ وزيادة حجم السكان خصوصاً في العراق وأدت إلى التفنن بالتصرف بالمساحات وتقسيم الأراضي على مساحات صغيرة بغرض التربح والاستفادة ولكن على حساب التصميم الأساس والضغط على البنى التحتية غير الكافية وهذا موضوع آخر.
أما ما يخصّ الاستثمار العقاري المقصود به شراء وحدات سكنية لغرض الاستثمار عن طريق بيعها بعد حين أو تأجيرها للحصول على إيرادات إضافية، ولغرض التحليل أعيد إلى الأذهان مشكلة الرهن العقاري الأميركية التي تسبّبت بأزمة مالية عالمية ما زالت آثارها تضرب في العديد من اقتصادات العالم.
وهنا يكمن الدرس أو بالأحرى التنبيه إلى خطورة التمدّد بالاستثمار العقاري دونما تخطيط.
وقد بدت ظاهرة التضخم الاستثماري جلية في إقليم كردستان هذه الفترة لأسباب عدة أخرى منها ما يتعلق بانخفاض الطلب من قبل المركز بعد التحسّن الأمني، حيث بات الاستثمار العقاري غير مجد إلى حد ما، ومؤشر ذلك انخفاض أسعار العقار بما لا يعادل مبالغ الشراء بسبب التوسع في الاستثمار العقاري بما يفوق الطلب الفعلي بغض النظر عن الأسباب والمسببات الأخرى فقط للتعريف بمعنى التضخم العقاري.
والآن بإمكانك الحصول على وحدة سكنية بمبلغ مقدَّم متواضع وتقسيط الباقي إلى فترات متوسطة الأمد وهذه الظاهرة تصلح في معالجة أزمة السكن لكنها لا تصلح للاستثمار العقاري.
وتشهد العاصمة بغداد الآن تهافتاً كبيراً على الاستثمار العقاري المجدي قياساً بالحاجة للسكن ولكن على المدى المتوسط سيكون غير مجد للاستثمار والتربح وذلك نظراً للمشاريع الإسكانية التي أطلقتها الحكومة وستطلقها لاحقاً.
ملاحظة مهمة هي أنَّ هناك تحليلات تدور بشأن الاستثمار العقاري أنها لا تستند إلى الواقع وقد تبدو صحيحة في بعض جوانبها إلّا أنَّ المنطق الاقتصادي والجدوى من التوسع ومنظورنا للموضوع من الناحية الاقتصادية يتطلب التخطيط السليم للنأي بالبلد من الوقوع بمشكلة الرهن العقاري العالمية في المستقبل، مجرد وجهة نظر قابلة للنقاش.