نموذجيَّة التعليم
غيداء البياتي
سامحوا ذاكرتي إذا تداخلت فيها الأحداث يوماً أو التبست عليها التواريخ، فأنا سأكتب على ما كنت عليه من إدراك حينها، لا بما أنا عليه اليوم من ذاكرة أخاف عليها من زهايمر الأيام، بل سأبقى أذكر تفاصيل مدرستي الثانوية والتي كان اسمها «ثانوية الشاملة للبنات» وكيف كانت تحتوي على مرافق ترفيهية وتعليمية عدة بالوقت ذاته، منها غرفة في آخر المدرسة للموسيقى بكل أدواتها وأخرى لمادة الأسرية نتعلم فيها ترتيب أثاث المنزل وصناعة الحلويات وغيرها للخياطة والتطريز، وهنالك أيضاً قسم كامل لأنواع المهن والفنون، كالرسم والنحت وصناعة مصغرات الفخاريات، ويمكن للطالبات أيضاً تعلم تصليح بعض العطلات البسيطة في الأجهزة الكهربائية داخل غرفة «صف» تسمى شعبة الكهرباء بوجود مدرسة متخصصة تعلمنا الدورة الكهربائية وكيف يتم تشغيل الأجهزة بحذر، ولا يمكن لأي أحد أن يستغرب، لا سيما الطالبات من جيلي ممن تخرجن من تلك الثانوية المميزة لو قلت إنها كانت تحتوي أيضاً على قاعة كبيرة للرياضة بكل محتوياتها من كرات للسلة و اليد والطائرة، وكذلك مضارب للتنس ولا أنسى أجهزة الجمباز والأثقال، كما لا يمكن لذاكرتي نسيان هذه القاعة في الأعلى للسينما وبعض الأفلام التعليمية التي تمزج بين المتعة والتعليم وتلك المداخلات الطريفة للزميلات من الطالبات في المدرسة، ونصائح المدرسات والهيئة التدريسية لنا قبل بدء كل درس وحثهم لنا على القراءة المستمرة للمواد الدراسية والكتب المتنوعة المفيدة، والأجمل من ذلك كله هو وجود المكتبة المدرسية التي تضم العديد من الكتب والمراجع والمجلدات في مختلف أنواع المعارف، وكان لها دور مهم في إثراء الطالبات بكل المعلومات، هذه المكتبة المدرسية حتماً كانت في حينها مزدهرة في ثانويات مختلفة، لذلك فهي أنارت دروب جيل كامل، كان يقرأ عشر وجبات في اليوم ويأكل وجبة واحدة حتى أغنى عقله بكل العلوم.
المهم أن طالبي العلم اليوم يفتقرون لوجود تلك المكتبات في المدارس وهذا التنظيم المتنوع للكتب، وعلى ما يبدو أن دولتنا بلغت سن الشيخوخة، فلا نمتلك مدرسة نموذجية حكومية واحدة «عليها العين» في أي منطقة شعبية أو راقية، لكن هنالك في الأفق ثمة أمل بواقع تعليمي أفضل بعد مساعي رئيس الوزراء للتصحيح.