ياسر المتولي
أيهما أجدى الخصخصة أم الشراكة؟
الخصخصة أسلوب ضمن أساليب النظام الرأسمالي يهدف لتحويل الأصول الرأسماليَّة التي تمتلكها الدولة إلى ملكيَّة خاصَّة كأداة لمعالجة الشركات الحكوميَّة الخاسرة.
وللتذكير فإنَّ فترة ما بعد التغيير وبالتحديد في عهد حكومة إياد علاوي في العام (2005) تمَّ تشكيل هيئة للخصخصة تضمّ رجال أعمال ذوي خبرة ومسؤولين حكوميين بدرجات خاصَّة ورفيعة وبرئاسة أحد رجال الأعمال المعروفين وعضوية وكلاء وزارات. وقد كُلّفتُ في حينها بالعمل مستشاراً إعلامياً للهيئة وقد واكبت نشاطها إلى آخر المطاف. الهدف من تشكيل هذه الهيئة يعود إلى أنَّ هناك أكثر من (190) شركة، كانت أغلب مصانعها خاسرة، ومن ضمنها شركات مصفرة دون أي إنتاج ومنها شركات لا تسد نفقاتها ورواتب منتسبيها وقامت الهيئة بإجراء إحصاءات ومسوحات للشركات وتصنيفها وفقاً لقدراتها الإنتاجية وصلاحيتها للعمل. لكن مع تبدّل الحكومات تمَّ إهمال وترك الهيئة وإلغاؤها.وتنقسم آراء خبراء الاقتصاد بين مؤيِّد للخصخصة ومعارض لها، ونظراً للكلف الكبيرة والأعباء التي تشكلها هذه الشركات على الموازنة، فقد جرت محاولات لدعم هذه الشركات بهدف تفعيلها لكن بدون جدوى.ويُجمع الخبراء في نهاية المطاف على أنَّ الشراكة هي السبيل الأمثل لتنشيط الشركات المتعثرة وزجِّها في سوق الأعمال وجعلها منتجة.والشراكة هي أسلوب جديد يدخل في محاولات القائمين على الإصلاح الاقتصادي لمعالجة الشركات الخاسرة وانتشالها، إذ تُعدّ الشراكة نمطاً من أنماط الخصخصة الجزئية في الأحوال كافة.والمقصود بالشراكة شراكة القطاع العام والقطاع الخاص شريطة تسليم إدارة الشركات بيد القطاع الخاص مع إبقاء الملكية ثابتة للدولة وذلك انطلاقاً من الإقرار بأنَّ عقلية القطاع الخاص تركّز على الربحية لإدامة الإنتاج بكفاءة عالية دون هدر للموارد الإنتاجية.وعلى ما يبدو أنَّ الاتجاه السائد الآن هو انتهاج أسلوب الشراكة بما يحقق الأهداف الآتية (التي تُحسب من مزايا الشراكة): وفي مقدمتها المحافظة على ملكية الأصول الرأسمالية دون التفريط بها وكذلك الاستفادة من خبرات القطاع الخاص لإنجاح الشركات وجعلها رابحة وبذلك تتخلص من أعباء الخسائر الكبيرة التي كانت تتكبدها.
ولعل وراء فشل الشركات العامة أسباباً عدَّة في مقدّمتها الفساد وعدم اهتمام الإدارات العامة للخسائر لأنَّ التمويل مضمون والسبب الأبرز هو الانفتاح غير المنضبط الذي قاد إلى جعل الشركات العامة غير قادرة على المنافسة نظراً لارتفاع تكاليف الإنتاج وكانت شماعة تتعكز عليها بعض الإدارات الفاشلة.
ولهذا يتضح من التحليل أعلاه أنَّ الشراكة أجدى اقتصادياً وهذا ما يُجمع عليه أغلب خبراء الاقتصاد حول العالم رغم أنها لا تخلو من العيوب.يبقى السؤال عن ماهية التحديات التي تواجه الشراكة في العراق؟
أولى التحديات هي معارضة إدارات الشركات العامة التنازل للقطاع الخاص ولذلك أسبابه ودوافعه ذات الصفة الامتيازية.
ثم أنَّ ثقافة النظام الشمولي ما زالت مترسِّخة في أذهان الكثيرين، ما يجعلنا نحتاج حقاً إلى وقت لتحقيق شراكة متكافئة تسبقها قوانين وإجراءات ملزمة لا تبيح للقوانين النافذة الاعتراض على الإدارة الجديدة للشركات ونحتاج إلى تهيئة إدارة كفوءة من خلال تطبيق شروط وضوابط الحوكمة بما يمهّد للشراكة الناجحة، لذا نحتاج إلى وقت، والمهم هي البداية.