التعاطف جوهر الإنسانيَّة

ثقافة 2024/10/16
...

ترجمة: كامل عويد العامري 


من المحتمل أن تكون لديك طريقتك الخاصة في توصيف التعاطف، كما لدي طريقتي الخاصة. فنحن نحفر ونبحث في وعن جوهره، ولكننا نجد... ماذا؟ لذا، نكتفي برسم تخطيطي، أو بعض السمات، أو الدور الذي قد يلعبه. ربما نستمد من آية من الكتاب المقدس- أحب جارك- أو نقتطف كلمات أغنية من الأثير- ليس ثقيلاً، إنه أخي مثلاً، أو لا يوجد إنسان جزيرة، لا يوجد إنسان يقف وحيداً/ فرح كل إنسان فرحي، وحزن كل إنسان حزني.

أو ربما يأتي التعاطف إلى الحياة في رؤية، مرتديًا ثوبًا استعاريًا شفافًا، أو شيئًا رمزيًا يجسّد ما لا تستطيع الكلمات أن تجسده، دائرة من الأيدي المتشابكة، أو مصافحة يد، أو دمعة مؤثرة، أو ابتسامة بسيطة. ربما نلتقط همس صوت التعاطف في صرخة طفل عند الولادة، أو نداء قارع جرس جيش الخلاص، أو من جوقة أغنية “تعال هنا” - الأغنية التي تجسد فكرة الوئام بين الناس وجوهرهم الحسن - حول نار المخيم.. أيًا كانت السمة، يمكن إضافة الأفكار التي تجسدها إلى الأفكار الأخرى التي طُرحت على مر السنين، كل منها محاولة أخرى لانتزاع حفنة من التعاطف من الهواء - جهود جبارة كلها تهدف إلى تحديد طبيعته المراوغة وإضفاء بعض الألوان والأبعاد على شخصيته. لكن إذا بحثنا بين وعوده، لن نجد توافقًا أو ترتيبًا هرميًا نسعى إليه. مثل أوراق الشجر المتناثرة، وأغلفة الحلوى المتطايرة، والأكياس البلاستيكية التي تحاصرها دوامة الرياح على الرصيف، يمتص التعاطف الإيحاءات لكنه غير قادر على الإشارة إلى أي أنماط في دواماتها- وغير مستعد لدمجها معًا. يمكننا تمييز، العاطفية منها والساخرة، والصور النمطية والرؤى. وهناك الجهود الأكاديمية، والأفكار الجديدة التي قدمتها الجمعيات العصبية مؤخرًا، التي تنضم الآن إلى الأصداء القديمة المستخلصة من التقاليد الفلسفية والنفسية. يمكننا أن نرصد أيضًا في الدوامة، مساهمات المؤرخين، والسياسيين، ونقاد الثقافة. كل منهم يمنح لونه لكنه يفعل القليل لتعريف التعاطف أو إيقاف دوامته. في هذه القصة، يتبنى التعاطف دوره كإعصار صغير، قوة خفية يمكننا أن نشعر بها، حتى وهي تدور حول جوهر غير مرئي.

ولكن ما زلنا نحدد هذه الدوافع، “الدافع البيولوجي” الذي تحدث عنه ماركو إياكوبوني، والخلايا العصبية المرآتية التي تربطنا ببعضنا البعض بطريقة سحرية. وهناك مفهوم “التجربة المعاشة” الذي صاغه موريس ميرلوبونتي، وهو التعاطف الوجودي الذي يدور في كلماته: “أنا أعيش في تعابير وجه الآخر، كما أشعر أنه يعيش في تعابير وجهي”. ونلاحظ بعض ما يقدمه لنا علم النفس، وهو تعريف مستقى من أبحاث دانييل جولمان حول الذكاء العاطفي، باعتباره “القدرة على قراءة مشاعر الآخرين” ــ وهي القدرة التي تتضمن “فهم مخاوفهم والأخذ بوجهة نظرهم”. وهناك استعارة أكثر شاعرية من عالم النفس مارتن هوفمان الذي يرى التعاطف “شرارة الاهتمام البشري بالآخرين، والغراء الذي يجعل الحياة الاجتماعية ممكنة”.

إننا نرى “عادات القلب” التي وضعها ألكسيس دو توكفيل، الذي عرّف التعاطف في أميركا في القرن التاسع عشر باعتباره مورداً وطنياً حيوياً لبقاء الديمقراطية الوليدة، ومن خلال هذا الوصف، نلاحظ، قناعة السيناتور جيف سيشنز آنذاك بأنَّ التعاطف في السياسة الأميركية في القرن الحادي والعشرين قضية حزبية، ونوع من لعبة محصلتها صفر والتي تملي أنَّ “التعاطف مع طرف ما يعني دائماً تحيزاً لطرف آخر”. ثم، نرى خطاب سونتاغ النقدي الذي يصور التعاطف باعتباره مشروعاً متهوراً، بل وحتى فاشلاً ــ ليس لعبة محصلتها صفر، بل لعبة غير مجدية. وفي دوامة الإعصار أيضاً، نستخلص من ادعاء الكاتب الناقد جوناثان ليثيم بأنَّ التعاطف يستحضر شعوراً أساسياً بـ”الجيرة”، وهو كل ما لدينا، كل ما يتبقى عند تجريد النقد العظيم.

وهنا يأتي “الشعور بالزمالة” الذي تحدث عنه دي وال، وهو “قدرة فطرية قديمة اختيرت على نحو طبيعي”- وهو زعمه بأنَّ التعاطف هو كل ما نملكه على الإطلاق، وكل ما يضمن “تزامننا”، وبقاءنا كجنس حيّ يعيش في مجموعات. في خضم كل هذا الاضطراب، هناك “تطور الوعي التعاطفي” الذي طرحه الناشط الاقتصادي جيريمي ريفكين الذي يعتقد أنه قصة التاريخ البشري بالكامل. فهو يرى أنَّ التعاطف هو “الوسيلة ذاتها التي نخلق بها الحياة الاجتماعية ونتقدم بالحضارة”. والآن نشعر بالتوتر، ولكننا لا نستطيع أن نكون متأكدين مما إذا كانت قوة التعاطف تضعف أو تستجمع قوتها.

إننا نتراجع خطوة إلى الوراء، نستعرض المخلفات التي تميز التعاطف كخليط من “الدوافع” و”القدرات” و”الإمكانات” و”الموارد” و”الألعاب” و”الوسائل” المتضاربة التي تخدم جميع أنواع الغايات. حتى على هذه المسافة، تظل السمات التي تحملها الفوضى متباينة، ولا يمكننا أن نرى كيف يمكن أن تكون مترابطة. ما لدينا هو فيض من الأفكار الأكاديمية، عالقة مثل قصاصات الورق الملون في دورة لا تنتهي من النقاشات الحادة. وإذا لم نعثر على روابط متشابكة مترابطة في أي مكان، فإننا نحن من يجب أن نفرز بين الأجزاء الملونة، ونبحث في الدوامة عن التعاطف في البداية ونتتبع أي خطوط مستقيمة يمكن أن تقودنا إلى جوهره. لذا، نحن نقف منتظرين أن يتوقف الاضطراب، مستعدين لتفحص ما يسقط تحت أقدامنا - مستعدين للبحث عن الأسباب والمصادر، عن أنماط التشابه، عن بعض مظاهر النظام التي من شأنها أن تحل الصراعات وتفكك الإعصار على الرصيف.

وحتى ذلك الحين، لا يسعنا سوى مراجعة ما هو واضح بالفعل. إن التعاطف مرن ومن المتوقع أن يلتف حول المتحزب، والجار، والمتهور، والوجودي. ويبدو أنَّ مثل هذه المرونة تسمح بتوسيع حجمه ونطاقه أو تقليصه. يمكن أن يكون التعاطف شيئًا صغيرًا وحميمًا، علاقة شخصية قائمة على اهتمام فرد ما بآخر. أو يمكن أن يكون شيئًا أكبر وشاملًا يستوعب التاريخ البشري وتطور الحضارة. وسواء كان كبيرًا أو صغيرًا، فإنَّ التعاطف يمتد عبر المجالات، حيث تجذره بعض الأوصاف في عالم بيولوجي من الدوافع الفطرية و”التزامن” التطوري، بينما يمنحه البعض الآخر موطنًا في مجال ثقافي متماسكًا بـ “عادة القلب” و”الغراء” الاجتماعي.

يتسم التعاطف بالمرونة والقابلية لدرجة أنه يستوعب أفكاراً ثنائية - تلك التي تركز على المشاعر والاهتمامات التي تشكل سلوكه العاطفي وتلك التي تؤسس للتفكير والفهم واتخاذ المنظور كسمات تشكل طابعه الفكري. لا شك أنَّ هذا التقسيم قد وصفه الأكاديميون بإسهاب الذين يتصورون التعاطف” الوجداني” الذي يركز على شعور شخص ما بشيء ما بسبب أفكار ومشاعر شخص آخر، والتعاطف “المعرفي” الذي يركز على فهم شخص ما لأفكار ومشاعر شخص آخر في موقف معين.

ولتعزيز هذه الرؤية ثنائية القطب، يذكر قاموس ويبستر بعبارات واضحة أنَّ التعاطف هو “التماهي الفكري أو العاطفي مع الآخر”. ولا نندهش عندما نعلم أنه كلاهما معًا، وفقًا لمقاربة شمولية يفضلها گولمان ودي وال وداماسيو وغيرهم، الذين يجادلون من أجل تعاطف يتسم بالمرونة و”إدراك متجسد” لطالما وصل إلى ما وراء الشعور والفهم. ونحن شهود على قفزات التعاطف، وما يجب أن يؤديه في دوامة من الجدل، والالتفاف والدوران بين خطوط البحث المتنافسة.

كما أننا لا نندهش أيضًا عندما نكتشف أنَّ السحرة الأكاديميين منخرطون في مشروع بناء صناديق من شأنها أن تحتوي على طاقات التعاطف المشوهة. ومن المؤكد أنَّ المحللين يعملون بجد، ويصنفون الأوصاف والتعريفات المتراكمة على مر السنين- وكلهم يدّعون أنَّ التعاطف يشكل سمة من سمات الشخصية، حتى وإن كانوا يتبعون خطوطًا مختلفة من الاستقصاء. وعلى نحو منهجي، يدقق هؤلاء السحرة في كل فكرة، ويضعون تسميات مرموزة بالألوان، ويضعون معاً تصنيفاً صارماً بما يكفي لتنظيم مجموعة مثيرة للإعجاب وانتقائية.

كما يتضح، تتطلب الأنواع الأربعة من التعاطف أربعة صناديق لاستيعاب عدد المناهج المستخدمة لشرحه- لتهدئة الاضطراب وجعله قابلًا للإدارة. أحد هذه المناهج، الذي يُسمى “الظاهراتي”، يعبئ صندوقه بالشهادات الشخصية التي تصف التعاطف باعتباره تأكيداً للهوية الذاتية.. ربما يتضمن هذا “أنا” ميرلو- بونتي، التي أكدها في تجربته الحية مع “أنا” الآخر.

النهج الثاني، أو “السلوكي”، يعتمد على الشهادات من وجهة نظر الشخص الثالث وتركز على “تبني وجهة النظر”، ويفترض أنَّ القدرة على قراءة العقول- استنادًا إلى وجود “نظرية العقل”- ليست مجرد فكرة مجردة أو إمكانية نظرية، بل هي واقع إنساني وشرط أساسي للتعاطف. يبدو أنَّ أفكار گولمان ان حول تبني وجهة النظر تنتمي إلى هذا الصندوق.

وفي النهج الثالث، أو “الوظيفي” (وهو النهج الذي يرتبط على الأرجح بـ “الاتصال السحري” الذي وضعه إياكوبوني و”المحاكاة المجسدة” اقترحها گاليس”، ترتبط سلوكيات التعاطف بوظائف الأنظمة العصبية المختلفة. وهذا يتضمن وظائف نظام الخلايا العصبية المرآتية وربما وظائف بعض النواقل العصبية، مثل هرمون الأوكسيتوسين [الذي يدير جوانب رئيسة في أجهزة التكاثر لدى كل من الرجال والنساء، بما في ذلك الولادة والرضاعة.]

ويملأ النهج التطوري الدارويني الجديد المربع الرابع، ومثله كمثل دي وال، يتصور التعاطف باعتباره نتاجًا لجدلية تتشابك مع تطور الأنظمة العصبية الاجتماعية.

يتطلب الأمر أربعة صناديق، كما يقول السحرة، وإذا فهمنا ما يكمن داخل مطالبهم، فإنَّ التعاطف يبقى مرنًا كما كان دائمًا، ظاهرة مرتبطة بهوية الذات، وسلوك ينطوي على قراءة العقول، ووظيفة لأنظمة عصبية معينة، وتطور من الأنظمة العصبية والاجتماعية المترابطة. ومع وجود مزيج غير منظم ما زال يدور أمامنا، ويبدو أننا نتأمل في شيء آخر- لا يحدد أي منهما جوهراً. 

ومن المؤكد أننا سرعان ما نكتشف تسميات التصنيف العالقة في التيارات المتلاطمة، وألوانها المؤكدة واضحة للعيان، وتضيف ما تشاء إلى دوامة التعاطف. إلا أنَّ خطاباتها التي كانت ذات يوم دقيقة وجريئة، أصبحت الآن مشوشة للغاية بحيث لا يمكننا تحديد ما يدل عليه التصنيف. لا يمكننا أن نرى ما إذا كانت مناهجها الأربعة تتفرع من جذع مركزي واحد أم أنها متجذرة في أرضيات مختلفة، كل منها يغذي نوعًا آخر من الأشجار. إنَّ التعاطف يدور ولن يتبع خطوطًا شجرية في الاستقصاء؛ ولن يستسلم لأي خطوط زمنية قد تؤدي إلى سبب واحد، أو مصدر واحد، أو جوهر واحد.

وكلما اقتربنا من هذه الريح الشيطانية، التقطنا التفاصيل في حطامها المتطاير ولاحظنا المصطلحات التي تتداولها - كلمات مثل “التواصل” و”التعاطف” و”الاهتمام” و”التفاهم” التي تدور بلا نهاية حول التعاطف. ربما تقدم معانيها واشتقاقاتها بعض القرائن، وترجع خطوطها الاشتقاقية إلى جذور متشابكة في جوهر التعاطف. أو ربما هي خطوط جذرية متداخلة تربط التعاطف ببعضه البعض. وفي كلتا الحالتين، تشجعنا حقيقة أن القواميس المختلفة تبدو متفقة على ما يبدو على موضوع النسب.

لذلك نحن نثق في الإجماع على أنَّ كلمة “اتصال” مشتقة من كلمة”connexion” الفرنسية القديمة (أو “connexionen” باللاتينية) وآثار كلمة ”connectere“ اللاتينية التي تعني ”ربط معًا، ربط، ضمّ معًا“. وتدل كلمة “connexion” على “اتحاد وثيق”، أي “صلة” في الاستخدام الحالي، وتبقى كلمة “connexion” وفية لجذريها “con” (معًا) و”nectere“ أو ”nexis“ (مجتمع).

“الرحمة” أو الشفقة، كما يُقال، تأتي أيضًا من اللغة الفرنسية القديمة واللاتينية (“compassionem”) وتبدو واضحة أيضًا-جذورها “com” (معًا) و”pati” (يُعاني)، تظهر مرة بعد مرة، ولا تزال تدعم تعريفات مثل “المعاناة مع الآخرين”، “المشاركة في المعاناة”، “التعاطف”، “الشعور بالمشاركة”، “الشعور بالشفقة”، و”الرغبة في تخفيف المعاناة”. ونلاحظ أنَّ كلمة “ قلق concern” كلمة من الإنجليزية الوسطى، لكن جذورها تمتد في اللغة الفرنسية القديمة واللاتينية إلى “concernere”، مما يعني “المشاركة معًا، أو الاختلاط”. لكن من هذه النقطة، يبدو أنَّ المسار معقد. على الرغم من تقاسمها لجذر مع “connection” و”compassion”، فإنَّ كلمة “concern تنحرف عن مسارها، وتتخلى عن أي أفكار حول “التآزر”، بينما تكتسب معاني أكثر ثقلًا وتوجهات أكثر فردية.

أما اليوم، فنجد تعريفات مثل “مسألة تتعلق أو تؤثر في شخص ما“، و”الاهتمام أو الاكتراث بشخص ما”، و”حالة ذهنية قلقة أو مضطربة”. وبالانتقال إلى كلمة “فهم”، نجد الكلمة تفتقر إلى الجذور الفرنسية أو اللاتينية تمامًا. فمن الكلمة الإنجليزية القديمة “understanden” - عندما كانت كلمة “under” تعني “بين” أو “وسط” وليس “تحت” - نجد أنَّ الكلمة التي نستخدمها اليوم تعكس بعض جذورها، وليس كلها. تخبرنا القواميس أنَّ كلمة “فهم understanding”، التي تُعرّف بأنها “القدرة على الفهم والاستدلال”، تأتي من جذور معناها “فهم وإدراك فكرة” و “الوقوف في وسط”. نجد أنفسنا بين ووسط- - “في وسط” - خطوط اشتقاقية قد تتشابك أو تتعثر، لكنها تدور بسلاسة حول مركز التعاطف غير المرئي.

وماذا عن اشتقاق كلمة “تعاطف empathy” التي يبدو أنها تشترك مع مرادفها “الشفقة (sympathy)”؟ ما ستؤكده لنا القواميس هو أنَّ الكلمة الإنجليزية “em-path-y” لم تُخترع إلا منذ قرن مضى فقط، في حين أنَّ مرادفها الأقدم “sym-path-y” كان مستخدماً منذ أكثر من ذلك بكثير. ويقال إن الجذر المشترك بينهما مشتق من كلمة “pathos” اليونانية التي تعني “الشعور”، وأنَّ كلمة “empathy” قد صيغت لتعني “الشعور في، أو مع”، بينما استحوذت كلمة “sympathy” منذ زمن بعيد على معنى “الشعور مع، الشعور معًا”. واليوم، تصمت القواميس رافضةً التمييز بين المصطلحين ويتصاعد غبار الارتباك ليغطي على الإعصار الصغير وعلى أي أفكار قد تراودنا لفك خطوطه الملتوية بإحكام.

نخطو خطوة إلى الوراء مرة أخرى، وهذه المرة ونحن نعلم أنَّ الدوامة لن تتوقف - بل ستزيد من تشابك التعاطف في عقد وحلقات “الشعور معًا”، “الاتحاد”، “المعاناة معًا”، “التشابك معًا”. وينتهي بنا الأمر إلى هذا “التشابك”، هذا “الخليط المشوش” أو هذا “الظرف الذي يربك أو يعقد”، شيء “متشابك” لدرجة أنه “لا يمكن الفصل بسهولة”. ولتوضيح هذه النقطة، يروي قاموس أكسفورد الإنجليزي قصة التشابك التي تعود في أصلها السويدي إلى “التشويش” والتي تتضح من خلال صورة قارب عالق في المياه الضحلة، ومجدافه عالق في الأعشاب البحرية. على الرغم من أننا لا نستطيع أن نرى كيف يمكن أن يلعب التعاطف دور المجذاف أو الأعشاب البحرية، إلا أننا نعلم أنه يتركنا عالقين، نحدق في الشاطئ القريب جدًا والبعيد جدًا في الوقت نفسه. كلا، لا يمكن للتعاطف أن يتبع الخطوط، ولا حتى خطوط نصه الخاص.


*عن كتاب مسألة التعاطف: البحث عن جوهر الإنسانية بقلم كارول جيفيرز