يرويها: عادل العرداوي
منذ نعومة أظفارنا ونحن نستمع لمقولة شعبيَّة تترد على لسان معظم الناس عندما يتحدثون عن شخصيَّة الإنسان الشجاع والمقدام والمندفع الذي لا يتهيب الصعاب مهما ادلهمت خطوب ورزايا الدنيا فكانوا يقولون في هذا المعنى عبر كلامهم الدارج:
(افلان طير شلوى گدها وگدود)..
وبقيت هذه المقولة تتردد في كلام الناس اليومي لكني كنت أجهل قصتها الحقيقيَّة طيلة السنوات الماضية وأنا المعني بالفولكلور والتراث
الشعبي!
المفاجئ في الأمر اكتشفت حكاية تلك المقولة الشعبيَّة الأثيرة أين؟
والجواب: في مدينة (صلالة) العمانيَّة، يوم حللتُ فيها مساء الجمعة 26/ تموز/ 2024 مع وفد رابطة المجالس البغداديَّة الثقافيَّة الزائر لسلطنة عمان لمدة أسبوع
تقريباً.
فقد لفت نظري لوحة دلالة أحد مطاعم هذه المدينة الذي تناولنا فيه طعام العشاء في ساعة متأخرة من ليلة ذلك اليوم، وهي تحمل جملة (مطعم طيور شلوى).
وما أنْ دلفنا الى داخل المطعم حتى وجدنا لوحة كبيرة تتكئ على أحد جدران المطعم مكتوبة بحروفٍ كبيرة وواضحة تتيح لزبائن المطعم قراءتها والتمعن فيها وفي معانيها ودلالاتها وهذا ما يفعله فعلاً كلُّ الداخلين الى صالة المطعم المذكور الذي يدلُّ على أنَّ لدى صاحبه ذائقة ثقافيَّة وتراثيَّة.
وملخص الحكاية كما هو مثبتٌ في تلك اللوحة:
أنَّ امرأة كبيرة في السن كانت تعيلُ مجموعة من أحفادها الصغار الذين فقدوا والديهم ولم يبق لهم سوى جدتهم الفقيرة التي كانت تجاهدُ كثيراً في الحصول على قوتهم اليومي، وكانت هذه العجوز تعيش في ديار قبيلة (شمر) العربيَّة - العراقيَّة، وفي يومٍ من الأيام طرق سمع شيخ تلك القبيلة (الشيخ عبد الرحيم) حكاية شلوى وأحفادها التي هي كانت تطلق عليهم تسمية (طيور شلوى) حتى وفر لهم القوت اليومي اللازم، وأوصى أعوانه أنَّ في كل وليمة طعام يقيمها تتم دعوة طيور شلوى للمشاركة فيها مع ضيوفه.
وهكذا مشت الحال على هذه الوتيرة حتى شبَّ هؤلاء الأحفاد وكبروا.
وفي معركة جرت آنذاك بين جندرمة الجيش العثماني والقبيلة المذكورة في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي حتى انبرى (طيور شلوى) في مقدمة صفوف مقاتلي القبيلة وأبلوا بلاءً حسناً في تلك المواجهة وألحقوا الخسائر بتلك القوة العثمانيَّة.
وهكذا فقد أوفى طيور شلوى لمن أعانهم وأطعمهم ووفر لهم سبل العيش الكريم؛ لأنهم كانوا يشعرون بدينٍ في رقابهم لتلك القبيلة التي عاشوا وترعرعوا بين أكنافها وهكذا أصبحوا مضرباً للأمثال وملهمين للشعراء والمنشدين على مرّ الزمان.