شلومو ساند: الكيان الصهيوني خلق التعاسة لليهود وللعالم كلّه

منصة 2024/10/20
...

 يقظان التقي

 فرضت عملية "طوفان الأقصى" معادلات جديدة، كسرت الصورة النمطية لجيش الاحتلال "الذي لا يقهر"، وبات مؤكداً أن الكيان الصهيوني الذي تشكل من شعب مخترع. ومن وطن متخيّل على أرض مغتصبة زعمت سرديات الاحتلال الصهيوني أنها "بلا شعب"، لا تستطيع العيش بأمان وطمأنينة.
وأنا أسعى بين الكتب تذكرت شلومو ساند وكتابه حول الأسطورية الغالبة على التاريخية، في موضوع "يهودية الكيان الإسرائيلي"، حين تقرأ "كيف تم ابتداع الشعب اليهود؟".

كتاب له أهميته في تأريخ الأفكار السياسية الحديثة، بالقدر الذي يتقدم بمجازات موحية في زمن حرب الكيان الإسرائيلي المتعجرف والمتغطرس، وأنّ التطبيع سيبقى مجرّد وهم تبحث عنه لكن على أرض الواقع، تبقى الشعوب والمجتمعات لأسباب متعددة، بمنأى عن قرارات الحكام ومشاريعهم. فمنذ أكثر من أربعين عاماً، أبرمت اتفاقية كامب ديفيد بين مصر والكيان الإسرائيلي، فالقضية ليست سهلة. ولن تكون سهلة، ولها مكان عميق في الذاكرة. والسؤال، ماذا سيكون مواف شلومو ساند من الكيان الإسرائيلي الآن بعد حرب غزة الخامسة أو السادسة بعد كل ما أثاره كتابه "اختراع الشعب اليهودي"، وهذا مدار مراجعة حديثة، تتعلق بما تعتبره حربا في صراعها مع الفلسطينيين واللبنانيين وكل العالم حقيقة، بعد عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. هو الذي يتخلى عن اعتبار نفسه يهودياً قبل سنوات من إقرار "قانون أساس: إسرائيل-الدولة القومية للشعب اليهودي".
شلومو ساند أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة تل أبيب، وأحد مؤرخين الكيان الإسرائيلي، الذين يلقبون بالجدد لأنهم يجتهدون في دحض الأساطير، التي تقوم عليها الرواية التاريخية الرسمية الصهيونية، ومؤلف مجموعة الكتب التالية: "كيف اخترع الشعب اليهودي"، "كيف اخترعت أرض إسرائيل"، و"غسق التاريخ"، أصدر كتيباً في سنة 2013 بعنوان: "كيف تخليت عن كوني يهوديا"، يقول فيه: "إن الدولة التي أنتمي إليها تعرّف قوميتي باليهودية، وتعرّف نفسها بأنها دولة "الشعب اليهودي" وأنها الملكية الجماعية لـ "يهود العالم". وعليه، فإن تعريف "اليهودي" هذا، وخلافا لـ "الإسرائيلي"، يستثني 25 بالمئة من مواطني الكيان الإسرائيلي، من ضمنهم 20 بالمئة من العرب، من الجسم المدني الذي يتوجب على الدولة أن تكون في خدمته، وهو أمر غير ديمقراطي ويهدد وجود دولة كيان اسرائيل". ويتساءل ساند: "لكن ماذا يعني أن تكون "يهودياً" في إسرائيل؟"، ويجيب: "إنه يعني أن تكون مواطناً متمتعاً بامتيازات لا يتمتع بها غير اليهود وخصوصا العرب. فإذا كنت يهودياً يمكنك أن تتماهى مع الدولة التي ترى نفسها انعكاساً للجوهر اليهودي، ويمكنك أن تشتري الأرض التي لا يحق للمواطن غير اليهودي تملكها، كما يمكنك أن تقيم مستوطنات على أرض لا تعود لك وأن تستخدم طرقاً التفافية مخصصة لك وحدك.
ألا يشبه وضع اليهودي في الكيان الإسرائيلي إذن وضع الرجل الأبيض في أفريقيا الجنوبية قبل سنة 1994؟ وكيف يمكن لإنسان غير متدين، إنساني النزعة، ديمقراطي وليبرالي، ويتمتع بالحد الأدنى من الاستقامة أن يبقى يعرّف نفسه على أنه يهودي؟ أليس مجرد القول بأنني يهودي في الكيان الإسرائيلي، يعني الانتماء إلى فئة متميزة تخلق حولها أشكالاً لا تحتمل من الظلم".
كيف ولماذا تحولت التوراة من كتاب شرائع دينية إلى كتاب تاريخ يروي نشوء "أمة اليهود"، علماً بأنه لا أحد يعرف بدقة متى كتبت التوراة؟ ومن الذي كتبها؟ وما الطريق الذي سلكه اليهود المطرودون من مصر؟
هل تمّ فعلاً نفي سكان "مملكة يهودا" بعد تدمير الهيكل أم أن ذلك لا يعدو كونه مجرد أسطورة مسيحية شقت طريقها إلى التراث اليهودي، الذي جيّرها فيما بعد لمصلحته؟
وإذا لم يكن هناك منفى فمن أين أتى يهود العالم إذن؟ ثم ما الذي يجمع ثقافياً وإثنياً وجينياً (بالمعنى المدني) يهود "مراكش" ويهود "كييف" مثلاً؟ وإذا كان لا وجود لوحدة ثقافية بين الجماعات اليهودية المختلفة أتكون هناك "وحدة دم"؟ وهل صحيح أن هناك «جيناً يهودياً» كما تدّعي الصهيونية؟
للإجابة على هذه الأسئلة، صاغ ساند أطروحته التي تقول: إن اليهود شكّلوا دائماً جماعات دينية مهمة اتخذت لها موطئ قدم في مختلف مناطق العالم وليس حصرا على أرض فلسطين، ولكنها لم تشكل شعباً (ethnos) من أصل واحد وفريد تنقل من ثَم عبر التشرد والنفي الدائمين في غرب آسيا وشمال أفريقيا وشرق أوروبا وجنوبها واستوطنوا أسبانيا .
ويقول ساند، إنه في عام 1970 حصل تطور في علم الآثار تحت تأثير مدرسة الحوليات التاريخية في فرنسا وارتدى الطابع الاجتماعي للبحث التاريخي أهمية أكبر من الطابع السياسي ووصل هذا التحول إلى الجامعات الإسرائيلية. هكذا بدأت تناقضات الرواية الرسمية بالبروز، وهو ما يزعزع الأساطير المؤسسة ليس فقط لدولة إسرائيل بل للتاريخ اليهودي برمته.
إن احتلال بلاد "كنعان" وإبادة سكانها حسب سفر "جشوا"، والتي تعد أول مجزرة في تاريخ البشرية، لم تقع أساساً وهي إحدى الأساطير، التي دحضتها الأركيولوجيا كلياً، كما أن الرواية التوراتية الأخرى حول مملكة داوود وسليمان التي يفترض أنها عاشت في القرن العاشر قبل الميلاد، والتي يعدها جميع المؤرخين الإسرائيليين حجر الزاوية في الذاكرة الوطنية، والمرحلة الأكثر إشراقاً والأكثر تأثيراً في التاريخ اليهودي، دحضتها أيضاً الاكتشافات الأثرية طيلة سبعين عاماً على أرض فلسطين، حيث إن الحفريات التي جرت في عام 1970 إلى يومنا الحاضر وما بعد ذلك في محيط المسجد الأقصى وتحته لم تثبت وجود أي أثر لهذه المملكة المتخيلة ولا لذلك الهيكل المزعوم.
يقول ساند: "إن القدس قبل ميلاد المسيح لم تكن سوى قرية صغيرة فريق لها أن تتسع لقصر سليمان وتتسع لزوجاته السبعمائة ولثلاثمئة خادم من حاشيته". أين ذلك الصرح العظيم الذي عجزت الحفريات الأثرية طيلة عقود باستعمال أحدث الأجهزة والمعدات والمجسات والميزانيات الضخمة إثبات وجوده في مدينة القدس .
ويخلص ساند بعد ذلك إلى القول إن الأساطير المركزية هذه حول شعب يهودي قديم واستثنائي خدمت بإخلاص تام نشوء الفكرة القومية اليهودية والمشروع الصهيوني، وأعطت تبريراً لعملية الاستيطان في فلسطين .
يقول ساند في كتابه إن الرواية التاريخية الصهيونية، بدأت تتفسخ في نهاية القرن العشرين في كيان إسرائيل نفسه، وفي العالم وتتحول إلى مجرد خرافات أدبية تفصلها عن التاريخ الفعلي هوة سحيقة يستحيل ردمها. والحقائق الأركيولوجية الدامغة على الأرض بأن كيان إسرائيل أسس على أسطورة وأكاذيب تاريخية صنعها الاحتلال الصهيوني العالمي لاحتلال فلسطين لزرع كيان غريب يملك القوة العسكرية ويخدم الغرب.
يقدم الكتاب مُراجعة شاملة للتاريخ اليهودي، ويدرس بشكل نقدي السّردية التاريخية اليهودية التقليدية عبر المراحل والتّيارات المُختلفة. وقد أثار شلومو ساند في كتابه هذا سلسلة من الأسئلة المحظورة في كيان إسرائيل، والتي تتحدى الأسس الأساسية للرواية التاريخية الصهيونية واليهودية. بعض هذه الأسئلة شملت:

1 - هل يمكن الحديث عن "شعب يهودي" وجد واستمر لآلاف السنين، بينما اختفت شعوب أخرى ذات تعداد سكاني أكبر وحضارات أكثر عُمقاً وجذور أعمق في مناطق جغرافية محددة؟
2 - كيف ولماذا تحولت التوراة من قانون ديني إلى نص تاريخي يروي نشوء "الأمّة اليهودية"، خاصةً أنّ تاريخ التوراة وتأليفها لا يزالان غير مؤكدين؟
3 -هل حقاً واجه سكان "مملكة يهوذا" المنفى بعد "خراب الهيكل"، أم أنها مجرد أسطورة مسيحية تغلغلت لاحقاً في التقاليد اليهودية؟
4 - إذا لم يكن هناك منفى، فمن أين أتى اليهود من مُختلف أنحاء العالم؟ ما هي الوحدة الثقافية والعرقية والجينية، إن وجدت، التي توحّد اليهود من أماكن مثل مراكش وكييف؟ هل هناك حقا "جين يهودي"، كما يدّعي الاحتلال الصهيوني؟
رداً على هذه الأسئلة، يقول شلومو ساند أنّ اليهود شكّلوا تاريخياً مجموعات دينية مهمة أسّست نفسها في أجزاء مُختلفة من العالم، ليست مقتصرة على أرض فلسطين. ومع ذلك، فإنهم لم يُشكّلوا مجموعة عرقية واحدة فريدة حافظت على هويتها من خلال النّزوح والنّفي عبر غرب آسيا، وشمال أفريقيا، وأوروبا الشرقية، ومناطق أخرى، بما في ذلك إسبانيا.
ويُشير ساند أيضاً إلى أنّه في السبعينيات حدث تحوّل في مجال علم الآثار، مُتأثراً بالمدرسة الفرنسية للماديّة التّاريخية، التي أعطت أهمية أكبر للجوانب الاجتماعية للبحث التاريخي بدلاً من الجوانب السياسية. ووصل هذا التّحوّل إلى جامعات الكيان الإسرائيلي، مما أدّى إلى كشف التّناقضات في الرّواية الرّسمية، وتحدّي ليس فقط لأساطير دولة الكيان الإسرائيلي، بل أيضاً للرّواية التاريخية اليهودية برُمَّتِها!
وعن الأدلة التاريخية والأثرية، أكَّد ساند أنّ الرواية الكتابية عن غزو كنعان وإبادة سكانها، كما ورد في سفر يشوع، هي أسطورة تامّة، فضحها علم الآثار. وبالمثل، فإن روايات الكتاب المقدس الأخرى، مثل عهدي الملك داود وسليمان، واجهت تحدياً من خلال الاكتشافات الأثرية، التي فشلت في إثبات وجود مملكتي يهودا والسامرة في فلسطين خلال القرن العاشر قبل الميلاد!!
وخلَصَ ساند إلى أنّ هذه الأساطير المركزية المُحيطة بشعب يهودي قديم واستثنائي خدمت بحماس صعود القومية اليهودية والمشروع الصهيوني، ما وفَّر مُبرراً لغزو واستعمار فلسطين.
باختصار، شكّل كتاب شلومو ساند تحدياً أدّى للتّشكيك بالأسس التاريخية والأثرية للدولة العِبرية ولانهيار مزاعِم لاحتلال الصهيوني، وبيَّن أنها بُنِيَت على محض أساطير وافتراءات تاريخية، وقد أثار سُخطاً كبيراً بين يهود كيان إسرائيل وجدلاً واسعاً في الأوساط الأكاديمية والسياسية في إسرائيل وخارجها وتم نقد ومهاجمة الكتاب والكاتب وتوجيه الانتقادات اللاذعة له وارتفاع الأصوات المُتَطرِّفة مطالبةً بحظره وسحبه من الأسواق!
رغم كل شيء الكيان الإسرائيلي دولة مصطنعة، وغير شرعية لا تاريخيا ولا حقوقيا ولا اخلاقيا. دولة استيطانية استعمارية عنصرية دينية أخرى.
 لنقرأ بعض ما يقوله الأكاديمي التابع للكيان الإسرائيلي شلومو ساند في حواره مع مجلة "لوبوان" الفرنسية، حيث أجرت حديثاً مطولاً مع المؤرخ جادل فيه نظريات سابقة، ويجدد فيه نفيه لوجود شعب يهودي.

• لوبوان: في كتابك السابق شرحت أن الشعب اليهودي هو مجرد اختراع. اليوم، تبنيت نظرية وفكرة "ايريتز إسرائيل (أرض إسرائيل). من أين ذلك الغضب الشديد الذي دفعك إلى هدم فكرة الكيان الإسرائيلي أو الدولة الإسرائيلية؟
-غضبي الشديد كما ذكرته في العنوان إزاء العناصر المؤسسة لليهودية الوسطية والاثنية الوسطية في كيان إسرائيل والتي تجعل المستقبل الآتي يحمل قلقاً عميقاً. أنا أعيش في الشرق الأوسط. وأريد أن أؤمن بأن أطفالي والأطفال الصغار سيعيشون أيضاً. جيد انني لست صهيونياً، . إذا لم يفقد أهلي الأمل في أوروبا في سنوات الأربعينيات، فذلك بسبب ملائكة التاريخ أو شياطينه الذين رافقوا تلك المرحلة ولم يسمحوا بأن يكون الاحباط مباحاً.

• كيف يمكن المواءمة بين الحقيقة وتلك المعتقدات التي تساعد الناس على المقاومة والحياة؟
-أكرر مجدداً، مهنة المؤرخ تتعلق بالكشف عن الحقائق. هذا يعني بالنسبة لي الوعي بأن كل هوية مختارة تحتاج إلى حرارة الأساطير لمقاومة قساوة الحياة، حتى لو كنت على المستوى الشخصي وكمواطن كما كمؤرخ، أفضل ان افتش عن تلك الحرارة على المستوى الجامعي. بعض الميثولوجيات أفضل من الأخرى. النقاش لدى اليسار الفرنسي وتحديداً لدى جان لوك ميليشون، الذي يزعم بأن كل الفرنسيين هم من المهاجرين ويحملون الكثير من المعالم الميثولوجية. لكن هذه المعالم الميثولوجية ليست سلبية إلا عند ماري لوبن وكشكل من أشكال العنصرية.
المشكلة اليوم ان المستقبل لا يحمل لنا الكثير من الأمل. بمعنى آخر، ليس لدينا ميثولوجيا أساسية وأيضاً المجموعات لديها الرغبة بأن تتوجه نحو الماضي. صحيح نحن اليوم بمواجهة الكثير من التراث التقليدي، الكثير من الحكمة والكثير من الحماقات والسخافات في آنٍ معاً.

• عندما عالجت الأساطير الميثولوجية للشعب اليهودي أو "أرض كيان إسرائيل" وانت تعرف جيداً أن عملك التأريخي لديه الصدى والمدلول السياسي؟
-بالتأكيد، له صداه السياسي، بداية تراجيديات القرن العشرين جعلت من السهل جداً دراسة الأساطير الآرية (الهندية والأوروبية) والغولواز واليعقوبيين إلى أسطورة "الشعب المختار" أو عرق الشعب اليهودي الذي يزعم بأن اليهود المعاصرين متحدرون من العبرانيين. مارك بلوش وريمون آرون اشتغلوا قبلي كعلماء اجتماع على هذا الموضوع.
ولكن سنوات الأربعينيات وحتى الثمانينيات كان يمكن القول "بأن اليهود ليسوا اثنية عرقية" أو أن "اليهودية تغطي ثقافات متعددة". اليوم أصبح أكثر وضوحاً هذا النوع من النقاش من جهة نتيجة صعود الاشتراكية وانكفاء متعرجات الهوية ومن جهة ثانية بسبب تراجع الوطنية الشعبية الكلاسيكية. حالياً كمواطن في الكيان الإسرائيلي أنا لا أفكر فقط تاريخياً ولكن أفكر أيضاً سياسياً. إذا أعتقد بأن أسطورة اليعقوبيين أظهرت الاضطهاد في أوقات محددة، وأسطورة الاحتلال الصهيوني خلقت اليوم التعاسة ليس فقط للصهاينة ولكن انعكس الأمر تعاسة على جيرانهم في المنطقة.

• وما كان الصحيح برأيك، اختلااع كيان إسرائيلي في سويسرا؟
-يمكن دائماً الحلم أن يكون استعاديا. بكل الحالات وبعكس أي فكرة أخرى يمكن تلقيها، مشروع الاحتلال الصهيوني فشل بالحفاظ على اليهود في أوروبا. الأكثر حكمة هاجروا باتجاه القارة الأميركية في بداية القرن العشرين، بينما قلة قليلة من اليهود هاجرت باتجاه الشرق الأوسط. الأميركان والبريطانيون اقفلوا الأبواب أمام الأفراد المهاجرين، لم يكن أمامهم خيارات كثيرة سوى فلسطين أو فرنسا وهذه قصة أخرى. في هذه الظروف كان هناك حرب فعلية لجهة أن المهاجرين الصهاينة حركوا
الخيال التوراتي.
شلومو ساند نفسه عاد ليضرب من جديد، في كتابه الأخير"نهاية المثقف الفرنسي. من زولا الى هولبك"، بالإشارة الى عصر من الشعبوية والعنصرية تجاه الآخر من خلال سجالية مهمة فكرية وثقافية تقدمية يغيب عنها اليوم المثقف العربي.