رهانٌ على أوهام

آراء 2024/10/21
...

 طالب سعدون

سؤال يتردد كثيرا.. إلى أين تتجه المنطقة كما كان يتردد بعد كل أزمة تمر بها.. لكن بفارق واضح أن المشكلة الآن أعمق وأكبر واكثر ضحايا وتوسعا؟ وهل سينجح نتنياهو في جرها إلى أتون حرب مدمرة يعمل على توسيعها لتحقيق هدفه أم فشل فيها فشلا ذريعا.. ؟ فلم يتحقق له ما أراد بالتخلص من حماس ولا في عودة الرهائن اليهود..


المعطيات على الأرض وفي الأفق تقول بفشله فيهما.. فلا حماس انتهت ولا الرهائن عادوا.. بل أضاف للصهاينة همًا اخر بنزوح ما يتراوح بين 70 – 100 الف نازح من المستوطنين في الشمال.

- اذا كان نتنياهو يحارب سابقا على جبهة واحدة ( حماس ) فهو الآن يحارب على جبهتين واسناد قوي من جبهات اخرى تنزل به الضربات الموجعة.. ولا يستطيع أن ينفرد بواحدة منها لأنها واحدة... لا من الجو ولا على الأرض في مناورته البرية الفاشلة.

- واذا كان يواجه صواريخ حماس لوحدها على (أرضه) وهي قريبة وفي متناول قوسها، فإن عواصف الصواريخ والمسيرات الآن ساحقة ماحقة والأرض المحتلة كلها في مرماها تدك قواعد العدو من بعد وتنزل به أفدح الخسائر.

نعم.. يمكن أن نسمي ما حققه على مدى سنة كاملة هي ( خطوات تكتيكية ) لا ترقى إلى أن تكون طريقا إلى ( نصر) أو نجاحا في حده الأدنى، وبالتالي أصبح ما يسعى إليه ليس صعبا فقط بل من المستحيلات.

جبهة لبنان وغزة وأخواتها فاجأت نتنياهو وحلفاءه بما لم يكن في حسابه عندما خطط لاغتيال هنية والسيد نصر الله وقيادات في المقاومة، وقتل اللبنانيين في انفجارات اجهرة الاتصالات (بيجر) وغيرها، فقد فات العدو أن أداء المقاومة سيكون مضاعفا للانتقام والأخذ بثأر الضحايا، وستظهر أمامه قيادات جديدة لم يتوقعها وسيحتاج إلى وقت طويل، لكي يجمع معلومات عنها لأنها غير معروفة لديه، ولم تكن تحت أنظار عملائه أو توقعاتهم وربما لم تخصع للرصد والمتابعة، كما هي القيادات القديمة، التي مضت عليها سنوات طويلة وبذلك تكون الفرصة قد ضاعت على العملاء الذين كان جل عملهم قد انصب على القيادات القديمة، كما سيكونون هدفا للملاحقة والتصفية من القيادات الجديدة..

كان نتنياهو في عملياته الفاشلة يراهن على أوهام لم ينفع معها التضليل والمزاعم والغرور بأن يده يمكن أن تمتد إلى أي مكان في منطقة الشرق الاوسط.. يد كسرتها المقاومة واطاحت بوهم القوة الفارغة..

ومن هنا فإن تضخيم الإعلام المعادي، ومن يسانده على هذه العمليات الخائبة بأنها تشكل خسارة كبيرة للمقاومة ونصرا كبيرا لنتنياهو هي محاولات بائسة يائسة لن تنطلي على الشعوب مثلما هي تغطياتهم لسير المعركة، فهي لا تساوي بين القاتل والضحية فقط وانما تعطي له المبرر للقتل.. فعلى سبيل المثال تنقل هذه الوسائل المضللة خبرا وصورا عن استهداف بنايات سكنية وقتل أعداد كبيرة فيها بحجة وجود أسلحة للمقاومة تحتها، لكي تعطي للعدو مبررا في جرائمه.. بينما يقتضي الواجب الانساني والمهني ان تنقل الحقيقة وتركز على جرائم العدو واستهدافه الاطفال والشيوخ والنساء ضمن عملية ابادة واضحة لا تحتاج إلى تضليل وتسويف.

إن رهان نتنياهو على هذه العمليات لاطالة امد الحرب رهان خاسر ليس عسكريا فقط، وإنما في سمعة الكيان الغاصب على الصعيد الدولي وكان نصيب المقاومة النصر في وحدتها وتعزيز علاقتها مع الجماهير وفي عملياتها وتوسعها جغرافيا، وقد أنزلت بالعدو خسائر فادحة حيث كانت أكثر كلفة ماديا وبشريا واقتصاديا ودبلوماسيا من كل المعارك السابقة، وستجبره حتما على الاعتراف بحقها في اقامة دولتها على كامل أرضها وهو حق مشروع للشعب الفلسطيني.