أطفال لبنان بلا مدارس

آراء 2024/10/21
...

 د.كاظم عبدالزهره 


يواجه التعليم في النزاعات المسلحة والكوارث تحديات كبيرة لاسيما في البلدان، التي تعاني من ضعف في البنى التحتية، وتشهد لبنان بسبب القصف الوحشي أياما صعبة وأزمة كبيرة تضاف إلى ازماتها المتعددة، الأزمات الاقتصادية وجائحة كورونا ثم انفجار مرفأ بيروت.

شكلت هذه الازمات ضغوطا شديدة على النظام التعليمي انعكس على الطلاب والمدرسين والمدارس.

فبسبب الازمة الاقتصادية انتقل الكثير من الطلاب إلى المدارس الحكومية ما شكل ضغطا شديدا عليها، وبسبب عجز الكثير من العائلات عن تحمل تكاليف التعليم زادت معدلات التسرب.

ثم تضررت جودة التعليم أكثر بسبب اغلاق المدارس أيام جائحة كورونا، لا سيما وان التعليم عن بعد لم يكن خيارا متاحا للجميع بسبب تدهور البنية التحتية ونقص الموارد التكنولوجية.

كما أن المساعدات الدولية والإصلاحات التي سعت اليها الحكومة لم تكن كافية لتحسين الوضع.

ويواجه التعليم اليوم في لبنان تحديات أكبر بسبب القتال الدائر والقصف المكثف، اذ قامت الحكومة بتأجيل بدء العام الدراسي وأغلقت العديد من المدارس في جنوب لبنان.

فبسبب النزوح الذي تسبب به القصف والذي يعد أكبر موجة نزوح شهدها لبنان منذ عقود، تحولت المدارس إلى مراكز إيواء للنازحين وهذا يعني تعطيل التعليم في هذه المدارس لفترة لن تكون قصيرة، وبلغت نسبة المدارس الحكومية التي تحولت إلى مراكز إيواء 60 بالمئة من مجموع المدارس في لبنان، بينما بلغ عد النازحين حتى اليوم أكثر من مليون وثلاثمئة الف نصفهم من النساء والأطفال.

ويعيش الأطفال اليوم في لبنان وضعا مأساويا أشد بكثير من تلك الأوضاع التي عاشوها في حرب 2006.

كما أن شراسة ووحشية القصف الذي لم يميز بين طفل وامرأة قد ازدادت بشكل كبير، فمنذ الثامن من تشرين الأول عام 2023 وحتى الخامس عشر من أيلول هذا العام 2024 بلغ عدد ضحايا العمليات العسكرية 610 شهداء منهم 17 طفلا و 38 امرأة، بينما بلغ عدد الشهداء منذ السادس عشر إلى السابع عشر من أيلول (خلال عشرة أيام فقط) 1030 شهيداً منهم 87 طفلا و156 امرأة، وهذا يكشف عن عمق المأساة وشدتها على الأطفال، كما يكشف عن بؤس الأنظمة التي تزود هذه الحرب بالأسلحة والذخيرة. فكيف يمكن أن يسكت العالم عن ضحايا من الأطفال والنساء تبلغ نسبتهم 24 بالمئة من عدد الشهداء في حرب جائرة تدعمها أنظمة تدعي الديمقراطية والدفاع عن حقوق الأنسان؟!

من جانب آخر، تحاول منظمة اليونسكو توفير استجابة طارئة هي الأولى في المناطق ذات الخطورة العالية في لبنان من خلال صندوق "التعليم لا ينتظر" حيث تسعى إلى جمع الأموال والتبرعات من شركائها بهدف الوصول إلى الطلاب والتلاميذ ومكافحة خطر التخلف عن الدراسة أو الانقطاع الكلي عنها. 

أما عدد التلاميذ والطلاب الذين يحتاجون إلى الوصول الفوري للتعليم، فيبلغ بحسب إحصاءات اليونسكو مليونا ومئتي الف.

غير أن الأرقام على أرض الواقع لا ترقى لهذا الطموح الكبير، اذ تمكنت اليونسكو بحسب آخر تقاريرها في 16 تشرين الثاني الحالي من توفير التعليم الجيد في اذار الماضي إلى حوالي سبعة آلاف طفل فقط، وتسعى الاستجابة الطارئة الحالية إلى الوصول حوالي عشرين ألف متعلم فقط.

وتركز هذه الاستجابة إلى استهداف بعض المدارس وتوسيع قدراتها التشغيلية لاستيعاب الطلبة الجدد.