{الغروتسك} في الفيلم السينمائي

ثقافة 2024/10/21
...

  عدنان الفضلي


"الغروتسك" مصطلح لا يتفق عليه سوى السينمائيين، وفي مكان واحد هو غرائبية السينما المعاصرة، لكن أصول الاشتغال تعود لعقود متأخرة خالية من استخدام المصطلح، الذي هو بذاته يعدّ مصطلحاً غرائبياً عند من يشتغلون بسينما معاصرة تستند للواقع، هذا ما ورد في الكتاب النقدي للدكتور موفق مجيد المعنون "الغروتسك في الفيلم السينمائي المعاصر".

 الذي صدر مؤخراً عن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق. البحث الذي ضمّه الكتاب يتناول اشتغالات (الغروتسك) في الفيلم السينمائي عبر البحث عن المصطلح وطروحاته التنظيرية وطبيعة الاشتغال والمفهوم في بنائية الصورة السينمائية.

في مقدمة الكتاب التي وضعها المؤلف هنالك محاولة للتخفيف من الضغط على المتلقي حين يجنح إلى تقديم يسهل من قراءة قلقة إلى قراءة سلسة حيث يقول "كانت من نتاج هذا المصطلح جملة من الاشتغالات السينمائية التي تم توظيفها جمالياً، فأصبح "الغروتسك" بنية جمالية تتكامل مع التصوّر العام لدلالة الفيلم.

مفاهيمياً وجمالياً يرى المؤلف في الفصل الأول من الكتاب أن مصطلح "الغروتسك" هو مفهوم ترتبط طبيعته بالقدرة على إنتاج أشكال جديدة، أو هجينة تحاول الجمع ما بين أكثر من شكل مألوف، أو معتاد، كما يرى المؤلف أو الباحث أنه بيئة تجمع بين المكر من جهة والشكل من جهة ثانية والأفعال من جهة  ثالثة". إلى هنا كان شكل التقديم، لكنه وأقصد التقديم قد يذهب إلى أبعد من ذلك في هذا الفصل فهو يقول وضمن سياق البحث، إن "الغروتسك" لا يمكن حصره في قالب واحد، فإذا كان مفهوم "الغروتسك" في الدراما يتوجه نحو الشذوذ والبشاعة والسخافة واللا متوقع من التخيلات المثيرة والوقائع والسلوكيات والأفعال عندما تقدم بصورة تحمل من الغرابة والعجب والمسخية والتشويه الشيء الكثير، إلا أنه يمكن أن يقدم وفقاً لتوظيف مغاير، فيشير إلى ما هو جميل في شكله ومسخي في صفاته الداخلية والعكس أيضاً". في الفصل الأول من الكتاب الذي جاء بعنوان (الغروتسك - التنوع المفاهيمي والاشتغالي) يحاول المؤلف ربط المصطلح مع الفلسفة، فهو يأخذنا في بعض تفاصيل تؤكد ما ذهب إليه، فالباحث هنا يرى أن "الغروتسك" لا يشتغل على الثابت، بل يذهب للمتحول في المعنى، كون معناه لا يمكن تحديده من دون وجود الضدّ، ويحدد ذلك بقول مستلّ مفاده "هو القبح التشويهي بالنسبة لمفهوم  الجميل". 

في الفصل ذاته يؤكد الباحث أن "الغروتسك"هو بنية تجريبية وتحديثية تتجاوز القولبة أو الأنماط، إنه مفهوم يتجاوز التقنين ويسعى  إلى الخيال للإتيان بالجديد.

في الفصل الثاني الذي جاء بعنوان (اشتغال الغروتسك في الفن السينمائي) يتركنا الباحث قبالة باب يدخلنا إلى المصطلح داخل البنية السينمائية، خصوصاً أنه يسعى جاهداً إلى انتهاج الخيال المبتكر والتجسيد العياني داخل الصورة السينمائية.

ومما أراد الباحث توضيحه هو كيفية توظيف هذا المصطلح "الغروتسك" من خلال الخيال والابتكار فهو يقول "إن البنية الاجرائية لمصطلح الغروتسك قد ارتبطت بالخيال الجارف؛ لأنه يكشف قدرة الخيال المبدع في ابتكار شخصيات ذات ملامح وأشكال وأفعال تخالف إلى حد كبير

الشخصيات الإنسانية". 

الفصــل الثالث من الكتاب جاء بعنوان (تمثل السمات الغروتسكية في الأنواع الفيلمية) وهو فصل يبحث في كيفية توظيف السمات الغروتسكية في بناء الفيلم السينمائي.

الفصل الرابع من الكتاب جاء بعنوان (تطبيق عملي للغروتسك في الفيلم السينمائي) وهو فصل اختار فيه المؤلف فيلم "رابطة العدالة" للمخرج زاك شنايدر .

الكتاب الذي جاء بواقع (245) صفحة من القطع المتوسط، قام بتصميم غلافه الفنان د. نصير لازم.