يوسف نمير
في صباح الأول من أبريل/ نيسان، كان على كبار مساعدي الأمن القومي للرئيس جو بايدن أن يوجهوا رسالة صارمة إلى إسرائيل، وهي تستعد لشن عملية عسكرية في مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، فقد أسفر هجومها في شمال غزة ضد مسلحي حماس بالفعل عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين. ولا يمكن أن يحدث نفس الشيء مرة أخرى.
وعندما وصل السفير الصهيوني مايكل هيرتزوج إلى غرفة العمليات في البيت الأبيض لحضور اجتماع افتراضي كان من المقرر أن يعقده جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي لبايدن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن مع نظرائهما في تل أبيب، سحب الدبلوماسي الصهيوني مساعدي بلينكن جانباً ليخبرهم بأخبار مذهلة.
وقال إنه قبل أقل من ساعة، ضربت طائرات حربية صهيونية مبنى مكاتب في دمشق، مستهدفة المقر السوري لحرس الثورة الإسلامية الإيراني، وهو مبنى بجوار السفارة الإيرانية.
وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، نبه هيرتزوج البيت الأبيض بأخبار ضربة أخرى.
كان الشاغل الرئيس للرئيس بايدن هو منع اندلاع حرب شاملة في المنطقة. ولكن بينما كان بايدن يسعى إلى إيجاد مسار للسلام والاستقرار على المدى الطويل للكيان، تعرض للتقويض بسبب سلوك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في حرب غزة، ورفضه النظر في إنشاء دولة فلسطينية والطموحات الإقليمية لحكومته اليمينية
في الأراضي المحتلة.
على الرغم من الدبلوماسية الأميركيَّة الشاقة والمفاوضات من أجل وقف إطلاق النار،
تستمر حرب غزة. لقد دُفن القطاع تحت أنقاض آلاف الغارات الجوية والهجمات البرية الصهيونية، حيث قُتل أكثر من 40 ألف فلسطيني وأصبح أكثر من مليون شخص بلا مأوى أو سبل عيش أساسية.
الآن يبدو أن اندلاع حرب إقليمية سعى بايدن إلى تجنبها أمر لا مفر منه. ففي هجوم جديد بدأ في أواخر الشهر الماضي، شن الكيان الغاصب مئات الغارات الجوية وأرسل قوات برية إلى لبنان ضد حزب الله، ما أسفر عن مقتل
مئات المدنيين والمسلحين.
وبعد قصف صهيوني مستهدف في الضاحية الجنوبية لبيروت أدى إلى مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله، ردت إيران بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية على الكيان المحتل.
وفي حين تُتهم الولايات المتحدة بالتواطؤ فيما تتهمه أغلب دول العالم بارتكاب جرائم حرب الصهاينة في غزة، كشف الصراع المتسع مرة أخرى عن عجز قوة عظمى عن إخضاع الحلفاء المتمردين أو الخصوم الأصغر لإرادتها.
عند الإعلان عن خطة التجارة في قمة مجموعة العشرين في أواخر سبتمبر، وصفها بايدن بأنها "نقطة تحول في التاريخ".
ولكن هذه الأهداف أصبحت الآن مهددة بشكل خطير، إن لم تكن محطمة. وفي حين كانت التكلفة البشرية لحرب غزة غير قابلة للقياس بالنسبة للفلسطينيين والصهاينة، فقد دفع بايدن والشعب الأميركي ثمنًا باهظًا أيضًا.
إن الحرب في غزة ليست السبب الرئيس وراء انسحاب بايدن من محاولة إعادة انتخابه في يوليو/تموز. لكن أي آمال كانت لديه في إنهاء الصراع والتوجه إلى السباق بإنتصار دبلوماسي في الشرق الأوسط قد تبخرت نهائيا.