الانتخابات الرئاسيَّة واليهود الأميركيون

آراء 2024/10/30
...

عبد الله حميد العتابي

ستجري بعد أيام قلائل انتخابات الرئاسة الأميركيَّة وتحديدا في الخامس من تشرين الثاني 2024، ولفت نظري خطاب المرشح الجمهوري الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب في مهرجان خاص باليهود الأميركيين في الشهر الماضي، الذي حاول إثارة اليهود الأميركيين للتصويت لجانبه بتخويفهم بما اسماه العداء للسامية، نتيجة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركيَّة ضد الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني التي يمارسها الكيان الصهيوني.

ولنا أن نتساءل هل اليهود هم من يقررون نتيجة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة؟ للإجابة عن هذا التساؤل لا بد من الاعتراف أن نسبة الناخبين من اليهود الأميركيين تبلغ 3 بالمئة من مجموع الناخبين الأميركيين والمتابع للشأن الانتخابي الأميركي، سيلاحظ حالتين فريدتين لم أجدهما في الأقليات الأميركيَّة الأخرى. الأولى هي التزامهم التام بالتصويت وعدم التفريط بأصواتهم في الانتخابات بكل أشكالها. والثاني التبرعات المالية الكبيرة للمرشحين. ومن الجدير بالذكر يتركز وجود الناخبين الأميركيين في ولايات نيويورك، كاليفورنيا، فلوريدا وبعض الولايات الأخرى أن نظرة فاحصة لمزاج الناخب اليهودي الأميركي يميل إلى الحزب الديمقراطي لجملة أسباب منها على سبيل المثال أن الديمقراطيين يستميلون الأقليات الدينية والعرقية، لكون الحزب الديمقراطي حزب ليبرالي يهتم ويدعم حرية المرأة الحقوق المدنية التسامح مع الهجرة، في حين يميل الجمهوريون ومنذ ستينيات القرن العشرين إلى أحفاد المهاجرين الأوائل من المحافظين من الأغلبية البيضاء، ولاسيما في ولايات الجنوب الأميركي. والمراقب للحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والمرشح الجمهوري دونالد ترامب أن دعمهما للكيان الصهيوني واضح وجلي من خلال وعودهما الانتخابية في الخطابات الانتخابية؛ فالسياسة الأميركيَّة حيال هذا الكيان الغاصب ثابتة، إذ كانت الولايات المتحدة أول دولة تعترف بـ"إسرائيل" بوصفها دولة مستقلة في 14 أيار 1948 حينما اصدر الرئيس الأميركي هاري ترومان بيان اعتراف الإدارة الأميركيَّة بالكيان الصهيوني، وبقى الدعم الأميركي للصهاينة لغاية اليوم الحالي، وهذا ما نلمسه في إدارة بايدن التي لم تتأخر في دعم الإبادة الجماعية للشعبين الفلسطيني واللبناني. نستخلص مما تقدم أن تغير الإدارات الأميركيَّة سواء ديمقراطية أو جمهورية لا يغير من حقيقة رسوخ السياسة الأميركيَّة تجاه الكيان الصهيوني. وبقي أن اقول أن لغة ترامب الاستجدائية لأصوات الناخبين اليهود الأميركيين لجانبه، وتهديدهم أن التصويت لصالح هاريس يعني أن المواطن الأميركي من أصل يهودي في منظور ترامب يكره نفسه وديانته اليهودية ويكره "إسرائيل"؛ غير مجدٍ وغير مؤثر في الأقلية اليهودية، بسبب ميلها المعروف للحزب الديمقراطي. فضلا عن أن تشكيك ترامب بالاتجاه السياسي لليهود الأميركيين يثير حفيظة الأخيرين بعد قرون من العداء الذي عاناه اليهود في أوروبا، ما يدفعهم لرفض الوصاية من أي طرف على خياراتهم السياسية.