د.سلامة الصالحي
في ورشة عمل لمجموعة عراقيين في ألمانيا كان هناك بحث عن مناخ العراق، قام به أحد العلماء الألمان، الذي حذر الوفد العراقي من عواقب تدهور مناخ العراق، اذ وجد في نهاية البحث أن العراقي سيتعرض للوفاة، اذا خرج من بيته المكيف والمبرد في عام 2035، ويبدو أن كل العالم وأولهم الغرب يهتمون بما سيجري للعراق وأهله في السنين القادمة، الا نحن منشغلون بقضايا بعيدة عن الحياة والتنمية والحفاظ على الإنسان.. من الممكن تجنب المآل المخيفة، التي جاء بها هذا الباحث الالماني بحلول استراتيجية تتولاها الحكومة ومقرات الابحاث والجامعات وتعاون إقليمي ودولي تعمل، عليه جهات عدة من وزارات، كالخارجية والزراعة والبيئة والري وتكوين مجلس استراتيجي أعلى، يتولى هذا الأمر وبالتفاتة مهمة وجادة من رأس الدولة، بما فيها السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والحد من قضايا كثيرة أولها التصحر والاعتداء على المساحات الخضراء والحد من البناء الاسمنتي إلى جانب قضايا كثيرة من الممكن إيجازها كما يلي.
الاستفادة من امكانيات وآليات القوات المسلحة في انشاء غابات وطنية بمساحات كبيرة في الصحاري والهضبات، خصوصا في مناطق الوسط والجنوب شرقا وغربا والاستفادة من الأيدي العاطلة عن العمل في خدمة مدنية تقوم بحفر الآبار والاستفادة من المياه الجوفية، وحصر مياه السيول والري بالطرق الحديثة، وتأليف دائرة خاصة تتابع وتواصل العمل على تطوير وإدامة هذه الغابات.
إجبار كل بيت بتشجير الرصيف الذي يقع أمام بيته والجزرات الوسطية وتوفير الشتلات والتربة الصالحة، وتقليل نسب الاسمنت والصب لهذه الارصفة بإقامة ممشى صغير بجانب الرصيف. بمواد صديق للبيئة وعاكسة للحرارة.
الاستفادة من الخبرات والكفاءات الزراعية في اقامة مزارع ومحميات طبيعية وأشجار معمرة تسور حدود العراق وبمساحات كبيرة. تفعيل المختبرات والزراعة النسيجية وتشجيع المشاتل في كل حي وشارع، وتزويد الناس بها والتشجيع على زراعة المتسلقات لتغطية واجهات البيوت والبنايات. اصدار قوانين مشددة بعدم قطع الأشجار لأغراض الشواء أو إقامة تجمعات سكنية تجرف من خلالها المساحات الخضراء. كما أن وجود النافورات في كل شارع ضروري للحفاظ على نسب بسيطة من خفض درجة الحرارة في نهارات الصيف اللاهبة. إقامة مشاريع زراعية للثروة الحيوانية وتربية النحل وحقول الدواجن، والتي من الممكن الاستفادة من مخلفاتها ايضا لزيادة خصوبة التربة. التفاصيل كثيرة وتستلزم وجود لجان عليا جادة، وتمويل مخصص بعيد عن ايدي الفاسدين وحملة جدية بكل معنى الكلمة لإقامة مساحات خضراء تحد من التصحر وتمنع حدوث كارثة الوفاة العاجلة للعراقي، من شدة الحرارة في السنين القادمة، وأجد أنها فترة مهمة العشر سنين القادمة في إقامة غابات ذات الاشجار المعمرة، التي سيكون مردودها اقتصاديا وبيئيا ومناخيا وسياحيا يعيد الحياة للعراق، ويبعد عنه شبح الدمار وجحيم الصيف اللاهب.. ويكذب نبوءة الباحثين الألمان. نحن بحاجة إلى وقفة جادة حكومة وشعبا، وعمل مخلص وحقيقي وخبراء وعلماء واستشاريين في قضايا الزراعة والغابات والري، يمكن التعاقد معهم وانقاذ بلادنا وزراعة مساحات تحمي الاجيال القادمة صحيا ونفسيا واقتصاديا من كارثة تطل علينا كل سنة بصيف لم يعد احتماله ممكنا.