{حرب بوب وودوارد}

آراء 2024/10/31
...

  نرمين المفتي

 

صدر للصحفي الأمريكي الاستقصائي الأكثر شهرة (بوب ووروارد) قبل أسبوعين كتاب جديد بعنوان (حرب) وتمت ترجمته إلى اللغة بعنوان (الحرب)، وأصبح حتى قبل نزوله إلى المكتبات الأكثر مبيعا من خلال التسجيل على شرائه من المواقع على الإنترنت، وبسرعة أصبح متوفرا، ايضا على الانترنت، للتنزيل المجاني، وبالسرعة نفسها ترجم إلى اللغة العربية وأصبح جاهزا للتنزيل المجاني.. ويشي اسم وودوارد على أي كتاب اما بكشف فضائح، فهو وزميله الذي أهدى إليه كتابه الجديد (كارل بيرنشتاين)، صاحبا أكبر فضيحة سياسية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وهي (ووتر غيت) التي أرغمت الرئيس الأمريكي الأسبق (ريتشارد نيكسون) إلى الاستقالة في 1986، أو بكشف وثائق سرية ومحاضر اجتماعات مهمة. ويكشف كتابه الجديد كواليس إدارة الرئيس الأمريكي بايدن وفريقه في ثلاث حروب، كما وصفها، وهي الحرب الروسية- الاوكرانية وحرب غزة وحرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية. 

مما لا شك به، فإن الكثيرين يرون أن ادارة بايدن وجدت نفسها تواجه فترة هي الأكثر اضطراباً أمريكياً خاصة وعالميا عامة، لذلك فإن الكتاب يكشف "التوتر" في مناقشات بايدن مع كبار مستشاريه وهذا التوتر ساد أحاديثه، سواء مع الرئيس الروسي بوتين والرئيس الاوكراني زيلينسكي، والمتوترة جدا مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو، والذي وصفه أثناء حديثه مع أحد مساعديه مع تكثيفه للحرب ضد غزة في ربيع 2024 بأنه "رجل سيئ" وأضاف إلى هذا الوصف كلمة نابية، يستخدمها الأمريكان كثيرا ومن الصعوبة ترجمتها إلى اللغة العربية لبذاءتها. ويكشف عن جهود الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري الحالي ترامب في حملته الانتخابية محاولا الفوز، ويكشف، كذلك عن علاقة ترامب ببوتين والمستمرة منذ أن كان رئيسا وحتى الآن. وبدوره، وفي حوار شبكة (abc news)، نفى ترامب ما كشفه ووروارد، واصفا اياه بأنه "ليس إلا راويا سيئا في الواقع وفقد صوابه فعلا". 

مجرد راو، راو سيئ في الواقع. لقد فقد صوابه تماما". ما يهم القارئ العربي للكتاب، هو مواقف الحكومات العربية، وبعضها مشينة من حرب الإبادة، التي يشنها النازيون الجدد في غزة منذ أكثر من سنة، والتي يكشفها ووروارد من خلال محاضر الاجتماعات، التي اجراها وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية بلينكن مع المسؤولين العرب منذ بداية الحرب. ويبدو جليا أن هذه المحاضر لم تترك لا شاردة ولا واردة إلا وسجلتها، بل أن احد المسؤولين العرب طالب بلينكن أن يتحدثا لوحدهما، بعيدا عن المساعدين، لكن بلينكن بعد انتهاء الاجتماع طلب من مساعده أن يكتب محضر "الاجتماع" وحدثه بما جرى ليسجله في محضر رسمي. وموقف العرب من حرب غزة، كما يتطرق له الكتاب، يظهر تنوعاً في ردود الأفعال والمواقف. وباختصار، فإن الكتاب يكشف أن هذه المواقف كانت متفاوتة، فبعض الحكومات قدمت الدعم المالي والإنساني للشعب الفلسطيني، بينما آثرت أخرى التزام الصمت أو اتخذت مواقف دبلوماسية محايدة، وبينها من طالبت بالإسراع في القضاء على (حماس). وودوارد يستعرض في كتابه أيضاً السياسات الداخلية والخارجية، التي أثرت في هذه المواقف، ويحلل كيفية تعامل الأطراف المختلفة مع "النزاع". يضم الكتاب مقدمة للمؤلف و77 فصلا وملحقات، يبدأ الفصل الاول بالإشارة إلى مثيري الشغب، الذين اقتحموا مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني 2021 للمطالبة بإلغاء نتائج الانتخابات الأمريكية 2020 التي خسرها ترامب حينها. وكعادته في كتبه الأخرى، قال وودوارد إن المعلومات التي حصل عليها كانت وفقًا للقاعدة الأساسية للصحافيين، وهي "الخلفية العميقة". وهذا يعني أنه يمكن استخدام جميع المعلومات، ولكنه لن يقول من قدمها. ويؤكد بأنه أمضى مئات الساعات من المقابلات مع المشاركين والشهود المباشرين لهذه الأحداث. كاشفاً بأن جميع من قابلهم قد "سمحوا له بتسجيل المقابلات، وأن الاقتباسات أو الأفكار أو الاستنتاجات الدقيقة التي نسبها للمشاركين، قد جاءت من قبل الشخص نفسه، أو زميل له لديه معرفة مباشرة، أو من وثائق حكومية أو شخصية، أو تقاويم، أو مذكرات، أو رسائل بريد إلكتروني، أو ملاحظات اجتماعات، أو نصوص، أو سجلات أخرى". وكشف بأنه حاول مقابلة بايدن وترامب إلا انهما رفضا مقابلته.