د. نبراس عزيز
تواجه البيئة الاستثمارية في العراق تحديات كبيرة، أربكت الاستثمار المحلي وخلقت حالة تردد لدى المستثمرين الأجانب، وقاد إلى عزوف رؤوس الأموال المحلية والدولية عن المشاريع طويلة الأجل، وتوجه المستثمرين الأجانب نحو الاستثمارات العقارية، التي تضمن أرباحًا سريعة ومخاطر أقل.
المناخ الاستثماري، كما هو معروف، يتشكل كنتيجة لعوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية وقانونية ومالية، عندما تتوافر هذه العناصر بشكل متناغم ومستقر، تصبح البيئة جاذبة للاستثمار. وفي العراق، يكمن التحدي في إحداث هذا التناغم، حيث تعرقل الاستثمارات عوامل عدة، منها عدم الاستقرار الاقتصادي الناتج عن انخفاض أسعار الفائدة وارتفاع معدلات التضخم.
من الناحية القانونية، يشكل غياب الاستقرار التشريعي، وتفاوت القوانين بين القديم والجديد، تحديين كبيرين، حيث ينعكس ذلك على ثقة المستثمرين. كذلك، يشهد النظام القضائي بطئًا في الإجراءات، خاصة في ما يتعلق بالنزاعات الاستثمارية، إذ تعتمد هذه النزاعات غالبًا على القضاء المدني الذي لا يأخذ في الاعتبار خصوصية العلاقات الاستثمارية. وعلى الرغم من وجود نظام تحكيم، إلا أن غياب الكوادر التحكيمية الكفوءة وضعف الثقة القضائية بمخرجات التحكيم يعززان من تعقيد هذه العملية.
فتحسين المناخ الاستثماري وجعله جاذبًا لرؤوس الأموال الأجنبية، يجب اتخاذ خطوات جريئة في التشريعات والسياسات، من أهمها توسيع حق تملك العقارات للمستثمرين الأجانب، ليشمل جميع المشاريع الاستثمارية وليس فقط قطاع الإسكان، وتبسيط إجراءات منح الإجازات الاستثمارية، وجعلها تحت سلطة هيئة الاستثمار وحدها، دون الحاجة لموافقة جهات إدارية أخرى.
ويتطلب تحسين مناخ الاستثمار إلغاء القيود المفروضة على الاستثمار في المصارف وشركات التأمين، لما لهذين القطاعين من دور محفز في العملية الاستثمارية، فضلا عن تعديل نظام العقوبات للمستثمرين، بما يضمن الشفافية ويقلل من العقبات التي تعترض المستثمرين.
ويسعى العراق ليكون وجهة استثمارية عالمية، مستفيدة من موارده الطبيعية والبشرية الكبيرة، إلا أن تحقيق هذا الهدف يتطلب بيئة قانونية واقتصادية مستقرة وجاذبة، قادرة على منافسة الوجهات الاستثمارية الأخرى في المنطقة والعالم.
وإن الحراك الجاد الذي نتابعه من قبل الحكومة لتحسين بيئة الاستثمار في العراق وجزءًا منها المفصل القانوني يمثلان خطوة مهمة على طريق إحياء الاستثمار في العراق، وجذب الجهد المحلي والدولي، بما يملكه من تكنولوجيا متطورة ورؤوس اموال الى ميدان الاقتصاد العراقي.