ياسر المتولي
يلاحظ هذه الأيام اهتمام متصاعد بالقطاع المصرفي اجمالاً بشقيه الحكومي والاهلي، ما الذي يعنيه هذا التوجه؟ يأتي ذلك وسط توجه الانظار بشكل لافت نحو القطاع المصرفي، من خلال تخصيص وقت مهم من الحكومة في ظل مسؤولياتها الجسام، ما يعني إدراكها بأن كل الفعاليات الاقتصادية، بما فيها تنفيذ المشاريع الاستراتيجية ووسائل تشجيع الاستثمار، التي تتطلب قطاعاً مصرفياً رصيناً لتنفيذ برامجها الاقتصادية .
هذا الدعم المعنوي الذي يشكله الاهتمام إنما يتطلب اتخاذ خطوات مشجعة للمصارف للقيام بدورها على اكمل وجه، تتمثل بقوانين واجراءات ضامنة للقطاع المصرفي، لدفعه باتجاه تنفيذ برامجها التنموية المطلوبة .
وقد شهد شهر تشرين الاول من هذا العام العديد من اللقاءات والاجتماعات المهمة بين الحكومة وممثلي القطاع المصرفي، والتي ناقشت متطلبات تنشيط المصارف .واللافت أنه جرى التركيز على عملية هيكلة مصرف الرافدين، وهو المصرف الاول في العراق، الذي تعول عليه الحكومة في لعب دور تنموي يوازي حجم مدخراته، خصوصاً أنه الوعاء الحافظ للمدخرات الحكومية، وكذلك مدخرات الجمهور، التي لا تقل أهمية عنها والهدف قطعاً استثمار هذه الأموال وزجها في سوق العمل، بما يحقق سرعة دوران رأس المال، وبما يسهم في خلق فرص عمل واسعة، من خلال تشغيل قطاعات انتاجية اخرى ورش ومعامل وغيرها.
غير أن هذا الاهتمام لم يقتصر على المصارف الحكومية، إنما تعداه إلى ذات الاهتمام بالمصارف الخاصة، عبر اجتماعات ومناقشة احتياجاتها، سواء من قبل الحكومة أو البنك المركزي العراقي ومحاولة تذليل التحديات .
ومن تتائج هذا الحراك الحكومي المتمثل بالاهتمام بالقطاع الحكومي، وبموازاة ذلك أعلن مؤخراً عن الانتهاء من وضع اللمسات الاخيرة لاستراتيجية الاقراض، التي تأتي لتصحيح مسار القروض العشوائية غير الهادفة .
ويعول على هذه الاستراتيجية الجديدة في تنشيط مختلف القطاعات الاقتصادية المهمة، والمتمثلة بتوجيه القروض نحو تنفيذ المشاريع ذات البعد الاستراتيجي، والتي تسهم في تحفيز الاقتصاد وتساعد في تنويع مصادر الدخل كنتاج نهائي للمصارف وتصحيح التشوه البنيوي في الاقتصاد وانتقاله من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد متنوع .
هذه خلاصة الأهداف من وراء الاهتمام الحكومي المتزايد بالقطاع المصرفي، ومن هنا جاء إدراك اهمية القطاع المصرفي في تحقيق التنمية المستدامة.
اضف إلى ذلك الاستعداد لإطلاق نشاط بنك "ريادة" لدعم المشاريع الصغيرة ضمن الاهداف الخاصة بتوفير فرص عمل للشباب العاطل، وكذلك توفير بعض متطلبات السوق لسلع وبضائع ومنتجات تقلل من عملية الاستيراد الذي يمتص النقد الأجنبي.
ومما لا شك فيه فإن إطلاق التداول بالإصدارية الثالثة للسندات الحكومية (انجاز) إنما ينطوي على تحقيق الأهداف الإصلاحية والتنموية ذاتها، وتندرج ضمن الاهتمام الحكومي بالقطاع المصرفي، الذي سيسهم في بيعها وتداولها .