العملية التربوية في العراق.. التحديات والفرص

آراء 2024/11/04
...

  محمود القيسي


تواجه العملية التربوية في العراق تحديات كبيرة، لكنها في الوقت ذاته تحمل لنا فرصاً هائلة للتطوير، فالأطفال والشباب الذين يشكلون النسبة الأكبر من الفئات العمرية في البلاد، هم الأساس الذي يبني عليه العراق مستقبله، والتحديات الراهنة في النظام التعليمي ليست إلا حوافز لتحسين هذا الأساس وإطلاق طاقات جيل جديد يمتلك القدرة على قيادة البلاد نحو التقدم.

وإذا أردنا أن نكون صريحين مع أنفسنا بطريقة تمنحنا القدرة على مواجهة التحديات والصعوبات وتحديد الحلول الممكنة لتحقيق النجاح، فعلينا أن نواجه أنفسنا بمراجعة حقيقية لواقع البنية التحتية التعليمية، ونقف على وضع الكثير من المدارس التي تعاني من نقص حاد في المرافق الأساسية، فالكثير منها اليوم وبسبب الاكتظاظ الذي حذرنا منه مرارا وتكرارا تعمل بنظام المناوبات لتستوعب العدد المتزايد من الطلبة بسبب نقص المباني المدرسية، مما يقلل من جودة التعليم المقدم. 

وفي الوقت الذي نقدر فيه الجهود المتزايدة لإعادة تأهيل وترميم هذه المدارس، وضمان أن تكون بيئة التعليم مريحة وآمنة للأطفال، ما يعكس الأمل في تحسين هذه الأوضاع لتقديم تجربة تعليمية أكثر تطوراً، فإننا نرى أن إعادة بناء المدارس المتضررة وتوسيع قدرة النظام التعليمي على استيعاب الطلاب، هي الخطوات الأساسية لضمان مستقبل تعليمي صحي .

أما المناهج الدراسية في المراحل التعليمية المبكرة، فلا تزال بحاجة ماسة إلى التطوير، لتتماشى مع احتياجات العصر الحديث، فالمنهج الحالي يعتمد بشكل كبير على الحفظ والتلقين، وهو ما يقيد إمكانات الطلاب الإبداعية، ومع ذلك، هناك فرص كبيرة لإصلاح هذا النظام، بإدخال طرق تعليم حديثة تعتمد على التفكير النقدي والتعلم التفاعلي، وهو ما سيحدث فرقاً جوهرياً في كيفية إدراك الطلبة للعالم من حولهم، ومن خلال تبني هذه المناهج الحديثة، يمكن بناء جيل جديد يتمتع بالقدرة على التكيف مع المتغيرات السريعة في العالم.

وعلى الصعيد الاجتماعي، يبقى التحدي الأكبر هو توفير بيئة ملائمة للتلاميذ، خصوصاً في المناطق التي تأثرت بالنزاعات المسلحة، والنزوح والفقر اللذين هما من بين الأسباب التي تعيق قدرة الكثير من التلاميذ والطلبة على الاستمرار في التعليم، ومع ذلك، فهناك العديد من المبادرات التي تقدمها المنظمات الدولية والمحلية لدعم هؤلاء الأطفال وضمان حصولهم على فرص التعليم، وبرامج التعلم المتسارع، التي تساعد الأطفال على تعويض ما فاتهم من سنوات دراسية، تمثل فرصة حقيقية لهؤلاء التلاميذ لمواصلة تعليمهم وبناء مستقبلهم.

إن التحديات التي تواجه وزارة التربية لا تعني غياب الفرص مطلقاً، بل إنها تفتح الأبواب أمام إصلاحات جذرية تتيح للعراق تطوير نظام تعليمي يتناسب مع متطلبات العصر. تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية، مثل اليونيسيف واليونسكو، لتقديم الدعم للمعلمين وإدخال التكنولوجيا في الفصول الدراسية، يمكن أن يخلق تحولًا نوعيًا في العملية التعليمية، ويبقى العراق قادراً على استغلال هذه الفرص لضمان حصول كل طفل على حقه في التعليم الجيد، وهو ما سيقود البلاد نحو مستقبل أفضل، ويخلق أجيالاً قادرة على الابتكار 

والإبداع .

                           

 نائب رئيس لجنة التربية النيابية