سعد العبيدي
الضربة لم تكن برغبة الإسرائيليين وحدهم لتكون محدودة على غير عادتهم في الإيغال بالتدمير؛ بل كان للأميركان دور في توجيهها لتكون ضربة نفسية محدودة لا تثير ردا إيرانيًا قد يؤدي إلى توسيع نطاق الحرب في وقت حرج تجرى فيه الانتخابات الأميركية. كما يبدو أنها جاءت متوافقة مع رغبات إيران في أن تكون محدودة، بما لا يستدعي الرد
شنت "إسرائيل" في ليلة 25 / 26 من تشرين الأول، هجومها الجوي المرتقب على إيران؛ هجومٌ طالما توعّدت بشنّه لتحقيق غاية التخويف وإثارة القلق بين صفوف الإيرانيين، ودفعهم للوقوف ضد قياداتهم كهدف نفسي استراتيجي، ولتحقيق قدرٍ من الدمار يكفي لتحقيق ردعٍ يحول دون قيام إيران بمهاجمة "إسرائيل" مستقبلاً كهدف تكميلي. وقد انتظرت "إسرائيل" وقتًا طويلًا لتحديد توقيت هذه الضربة وفقًا لحسابات الحرب، لإثارة الترقب في النفوس بغية تحقيق التأثير المطلوب.
لكن بالنظر إلى طبيعة الضربة والنتائج الأولية لها من حيث الأهداف المنتقاة وبساطة حجم الدمار، يتبين أنها لم تكن بالمستوى الذي روج له الإعلام الإسرائيلي، بل كانت أقل من التوقعات. ويتبين أن هذا الأمر برمّته كان مخططًا له لتكون الضربة محدودة ذات تأثير نفسي، مما يسمح لإسرائيل بإيصال رسالة للإيرانيين والعالم بأنها قادرة على الوصول إلى الأجواء الإيرانية واختراقها متى أرادت. أما لشعبها، وخصوصًا لليمين المتعطش للحرب والتدمير، فأرادت القول: إنها لم تتجاهل إيران التي سبق أن تجاوزت الخطوط الحمراء وهاجمتها، وإنها قادرة على معاقبة من يقف في طريقها".
ويتبين أيضًا أن هذه الضربة لم تكن برغبة الإسرائيليين وحدهم لتكون محدودة على غير عادتهم في الإيغال بالتدمير؛ بل كان للأميركان دور في توجيهها لتكون ضربة نفسية محدودة لا تثير ردًا إيرانيًا قد يؤدي إلى توسيع نطاق الحرب في وقت حرج تُجرى فيه الانتخابات الأميركية. كما يبدو أنها جاءت متوافقة مع رغبات إيران في أن تكون محدودة، بما لا يستدعي الرد.
وهكذا، انتهت هذه الضربة المرتقبة كوسيلة لإنهاء صفحة من صفحات الحرب الدائرة، وإذا ما تم التعامل معها بشكل صحيح، فقد تفتح الأبواب أمام جهود دولية قد تفضي إلى وقف إطلاق النار في جبهة لبنان، التي تهم إيران بشكل خاص والعالم بشكل عام.