أويس الحبش
نقلت جريدة الأخبار اللبنانية تصريحاً عن سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان تدعو فيه لبنانيين للاصطدام بحزب الله وأن السفارة الأميركية تُحضرُ لبنانَ لفترة ما بعدَ حزب الله، ويأتي هذا التصريح بعد أسابيع من تهديد الكيان الصهيوني باغتيال السيد علي السيستاني والمرشد الاعلى للثورة الإسلامية في ايران علي خامنئي، وعلى الرغم من ان السيد السيستاني رمز ديني في المنطقة وليس له أي نشاط عسكري أو سياسي، وان شَخصَ السيد علي خامنئي يتمتع بحصانة دبلوماسية كونه المرشد الاعلى للثورة الايرانية، فإن تهديدا من هذا النوع يدل على إفلاس الكيان وداعميه واحساسهم بخطر وجودي، ولذلك تسعى أميركا لخطة تغيير الشرق الاوسط آملة بذلك تأسيس بيئة آمنة للكيان المُحتل وضمان وجوده.
ماهي البيئة الآمنة التي يطمح لها الكيان في المنطقة؟
بحسب رأي الدكتور عبد الوهاب المسيري أن أسباب استمرار الكيان هي: دعم أميركي غير محدود وصمت عربي غير محدود، ولتوفير هذا الصمت تهدف الولايات المتحدة لدعم الانظمة العربية العميلة لاستمرار بقائها في الحكم، والاطاحة بالأنظمة المناهضة للمشروع الأميركي وكل من يقف بوجههم باستخدام استراتيجيتهم المعروفة، إما بدعم انقلاب عسكري أو بدعم وتمويل جهات عميلة معهم للاطاحة بالنظام تحت مسمى "ثورة"، وعلى سبيل المثال في ذلك ما يسمى بالثورة السورية لاسقاط حكم الرئيس السوري بشار الأسد والذي يلعب دوراً قوياً ورئيسياً في ما يسمى بدول الطوق مِنْ دعم للمقاومة في فلسطين وحزب الله، وأيضاً الدور في تشكيل محور المقاومة وتوفير أسباب نموه وقوته بالشراكة مع إيران.
ولعبت الولايات المتحدة الأميركية مع الاوروبيين والترك وبعض الدول العربية دوراً كبيراً في الأزمة السورية لإشعالها ومن ثم تحويلها لحرب أهلية فإن لم تستطع القيام بمهمتها بإسقاط الحكومة فعلى الاقل تُضعِفها. وهذا ما تفاخر به رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو حين صرح بأن اهم إنجازات دولته هو إضعاف سوريا دون اللجوء لحرب مباشرة معها.
فإذا كانت الاستراتيجية الاميركية في المنطقة تتمثل في اللعب في الخفاء فلماذا تلجأ إلى التصريحات العلنية؟
هنا يجب النظر للوضع الحالي في المنطقة والخطر الحقيقي الذي يواجهه الكيان وأميركا من وراءه وهو خطر وجودي وتهديد لبقائهم بسبب الحرب الحالية مع المقاومة في غزة ولبنان، وإن انتهاء الحرب وبقاء المقاومة يعني ان زوال الاحتلال اصبح مسألة وقت، لأنه من الناحية الاستراتيجية سيصبح الكيان مُكلفاً بالنسبة لأميركا ومن الناحية العسكرية يعني فشل منظومة الردع وتثبيت حقيقة ان الاحتلال لم ينتصر انتصاراً كاملاً منذ حرب تشرين في عام 1973 وهذا يعني إبعاد حلفائه عنه لان المشروع الاستعماري فَشِلَ مع فَشل الكيان بتحقيق النصر وردع الخطر عن نفسه.
فضلا عن طر المقاومة على المشروع الاستعماري، فانه يواجه ايضاً خطر الرموز الدينية المتمثلة بشخص السيد علي السيستاني والخطر السياسي والعسكري الداعم للمقاومة المتمثل بإيران وبما أن استراتيجية المقاومة هي جر الاحتلال إلى حرب استنزاف طويلة وهذا ما لا طاقة له عليه، فانه يسعى لمحاولة الحسم السريع، فلم يبق لديه من أوراق القوة سوى الاغتيالات واشعال الحروب الاهلية لتحقيق اهدافه، ولكن هل سينجح؟
لقد رَسمَ الاحتلال نفس السيناريو لغزة ولكن كل محاولاته باءت بالفشل، لم يستطع السيطرة على اي جزء من القِطاع، ولم يستطع ان يوظف العشائر لنزع السلطة من حركة حماس ولم يستطع ان يقلب السكان ضد المقاومة، وعليه فانه لن يستطيع لا هو ولا الاميركي أن يُطبق مثل هذا المخطط في لبنان، وهو ما سيقودهم في النهاية إلى الافلاس.
كاتب من سوريا