الصباح: نافع الناجي
حتى وقتٍ قريبٍ، كانت المعامل والمصانع الإنتاجيَّة في محافظة الأنبار، تعاني من آثار الخراب والدمار التي خلفتها قوى الشر والإرهاب، وما تبع ذلك من إهمالٍ طالَ أغلبَ القطاعات والمرافق الحيويَّة في هذه الرقعة الغربيَّة من مساحة العراق.
ولعلَّ مصنع الزجاج والحراريات خيرُ دليلٍ على الخراب الذي حلَّ بهذه المدينة، فبعد أنْ كان واحداً من أكبر المصانع في الشرق الأوسط، تراه قد تحول الى مكبٍ للنفايات، يحيط به الظلام من كل صوب، حتى وصلت إليه يد الإعمار، وطُرِحَ فرصة استثماريَّة، لتعيد إليه بريقه المفقود، على يد شركات روسيَّة تسندها أخرى صينيَّة، تواصل اليوم عملها في إحياء هذه الصناعة من خلال تأهيل سبعة خطوط إنتاجيَّة، وفقاً لما أكد مدير المعمل فؤاد حماد.
وقال حمّاد: "إنَّ الشركات الروسيَّة تواصل أعمال تأهيل وتحديث وإنشاء سبعة خطوط إنتاجيَّة في داخل معامل الزجاج، منها معمل الألواح الزجاجيَّة الحالي، بغية إعادة تأهيله وتشغيله بطاقة مئة وعشرين طناً باليوم".
وأضاف: "أنَّ المشروع يتضمن أيضاً إنشاء معمل القناني والجرار بطاقة مئة وخمسة وسبعين طناً باليوم، ومعمل إنتاج كاشي الأرضيات وكاشي الجدران، كما توجد حالياً دراسة متكاملة لغرض إعادة تأهيل وتطوير العديد من الخطوط الإنتاجيَّة في هذا المعمل".
الاستثمار مفتاح التنمية
ويدعو الخبراء والمهتمون في الشأن الاقتصادي، الى ضرورة طرح المعامل والمصانع الأخرى في المحافظة الى الاستثمار، منها مقالع الفوسفات وحقول غاز عكاز ومعامل السيراميك ومواقع خامات السيليكا ومصانع الأسمنت، مؤكدين أنَّ هذه الخطوة في حال تحقيقها ستسهمُ في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تنويع مصادر الدخل، إضافة لما توفره من فرص عملٍ لأهالي المحافظة.
يقول الخبير الاقتصادي قاسم محمد: إنَّ "الأنبار تشغل نحو ثلث مساحة العراق، وهذا الأمر يعطيها أولويَّة في الاستثمار، لا سيما أنَّ المحافظة تضمُّ الكثيرَ من المعامل والمصانع، وتتوافر على قدرٍ كبيرٍ من الموارد الطبيعيَّة التي تشكل موادَّ أوليَّة للصناعة".
ولفت الى "إقبال كبريات الشركات العالميَّة للتنافس على دخول سوق الاستثمار، لا سيما حقل عكّاز الغازي، الذي يضم 48 بئراً تقدر مساحتها مجتمعة بحوالي تسعين كيلو متراً مربعاً"، موضحاً بالقول: "يمكن لحقول عكّاز لوحدها، أنْ توفر وقود الغاز لتشغيل جميع محطات توليد الطاقة الكهربائيَّة في البلاد، وبذلك تحقق الاكتفاء الذاتي وبالتالي الاستغناء عن الوقود المستورد الذي يكلف خزينة الدولة مبالغ طائلة".
وشدد محمد على "ضرورة الالتفات أيضاً الى معامل الفوسفات في عكاشات وتأهيل مصانع الاسمنت المعطّلة المنتشرة في عموم مدن المحافظة وأقضيتها".
فرص عمل
فضلاً عن جدواه، وأهميته في دعم الاقتصاد الوطني، يسهمُ إحياء القطاع الإنتاجي في الأنبار بتوفير آلاف فرص العمل للشباب.. وفي هذا الصدد يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور مؤيد الدليمي أنَّ "هناك معامل ضخمة كبيرة جداً كالفوسفات وحقل عكاشات والطاقة الحراريَّة ومعامل الاسمنت، يمكنها توفير ما بين 15 - 20 ألف فرصة عمل إذا ما تمت إعادة تأهيلها وإعادتها الى الخدمة".
وتابع "أنَّ معمل اسمنت القائم يشكلُ أهميَّة كبيرة في تغطية احتياجات سوق العمل، والذي من شأنه توفير ما يقارب المليون طن سنوياً من هذه المادة، كما أنَّ معامل الأسمدة الفوسفاتيَّة يمكن أنْ تغطي حاجة وزارة الزراعة من الأسمدة الأحاديَّة والمركبة".