علي الخفاجي
أكثر من سنة مر على اندلاعها، قُمعت وانتهكت الكثير من المحرمات، لم تراع المناشدات ولا الاستنكارات ولا المطالبات بإنهائها، إنها حرب لم تبق ولم تذر، سقط على إثرها آلاف من الابرياء وهــُـــدمت المدارس والمستشفيات والمعابد نتيجة غطرسة الكيان الصهيوني وعناده المستمر وإصراره على شن الحملات الغوغائية، التي لم تنقطع منذ سنة 1948 ولغاية الآن بقصد التغيير الديموغرافي، وبالتالي استرداد ما يعدونه "حقهم" بأرض فلسطين حسب النص التوراتي.. نعم إنها حرب 7 اكتوبر والتي تعتبر الرابعة على غزة بعد حرب 2008 و 2012 و 2014. المتتبع لبداية الحرب والمستقرئ لأوضاعها العامة يلاحظ ومن خلال التصريحات الرسمية الصهيونية بأن امد الحرب على غزة سيطول ولفترة زمنية كبيرة، لأنه وبالتحديد أواسط شهر اكتوبر من العام الماضي صرح رئيس الكيان الصهيوني نتنياهو بأن الحرب على غزة لم تستهدف المنشآت والبنى التحتية فحسب، بل ستحمل الكثير من المفاجآت وتصفية أكبر قدر ممكن من قيادات حماس وستطول كثيراً. بالتأكيد مثل هكذا تصريح لم يكن تصريحاً عبثياً أو تصريحاً غير مدروس، لأنه وحسب ادعاء نتنياهو بأن حرب 2014 على قطاع غزة لم تأت ثمارها، وبالتالي "علينا ألا نكرر أخطاءنا مرة أخرى" في إشارة منه إلى تدمير أكبر قدر ممكن من الممتلكات والأنفس، وبما انها كذلك وبقبول وتأييد ضمني من قبل الانظمة الكبرى، توسعت تحركات الكيان الصهيوني، لتمتد إلى الجنوب اللبناني وبذرائع مختلفة.. شن الكيان وبالتحديد في 30 سبتمبر 2024 سلسلة هجمات على بلدات حدودية وقرى في جنوب لبنان، على الرغم من الهدوء الحذر الذي كان يسود المنطقة، لكن على ما يبدو أن للكيان الاسرائيلي نيةً مبيتةً لضرب جنوب لبنان متذرعاً بحجج واهية لتبرير افعاله، وعلى الرغم مما يجري تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي من اعتداءات متكررة ومستمرة، لم تستطع الأمم المتحدة ايصال صوتها وان تقول كلمتها الصريحة بإنهاء الحرب ووقف الاعتداءات، وإن قالت فإن صوتها الخجول المتردد يحمل بين طياته ازدواجية الوصف والتعبير، وبالوقت ذاته لم نسمع أغلب الصوت العربي المطالب بوضع حد للاعتداءات المتكررة على غزة ولبنان، إلا عبر منصات التواصل الاجتماعي ومنها منصة (x)، حيث عبروا عن رأيهم عبر هذه الوسيلة المخصصة لهم وبكل قباحة من خلال التشمت، بما يحصل بلبنان، جاعلين من انفسهم أبواقاً للاحتلال الصهيوني وللترويج عن منجزاته.
هنالك فرقٌ كبير بين من يتخيل أو يسمع بالحرب الفلانية أو الاقتتال الفلاني، وبين من وقعت عليه مثل تلك الحروب وذاق مرارتها والمؤدى، الذي تؤديه هذه الحروب من نقص بالأموال والثمراتِ والأنفس والدمار الذي تلحقه، وهذا ما نعيشه اليوم، لعل العراقيين وحدهم من بين شعوب المنطقة، تأثروا كثيراً وتعاطفوا مع ما يدور في غزة وجنوب لبنان، لأنهم ذاقوا ويلات الحرب على مدى سنوات طوال، فضلا عن فرط إحساسهم وشهامتهم وكرمهم، وهم بذلك أول من مدّ يد العون للمستضعفين، وأرسلوا القوافل من المساعدات لإعانة ومساعدة الشعب اللبناني على عكس أغلب الأنظمة، التي زودت مؤخراً لبنان وغزة بمساعدات مالية ومواد إغاثة، ليس حباً وتعاطفاً مع تلك البلدان، بل لاستمرار تلك الحرب ومدّها بالوقود.