زهير كاظم عبود
من ضمن المطالبات الجارية في مجلس النواب أن يقوم بتشريع قانون للعفو، يشمل هذا القانون المحكومين من قبل محاكم الجنايات، والتي أصدرت بحقهم أحكامٌ جنائية اكتسبت الدرجة القطعية، بتصديقها من محكمة التمييز الاتحادية، أو التي اكتسبت الدرجة القطعية لمضي المدة القانونية المقررة للطعن التمييزي، ويستمر بتنفيذها وفقا للقانون.
طلب إعادة المحاكمة يعد طريقا غير اعتيادي، بسبب حصول خطأ موضوعي أو الوقوع في سوء تقدير وقائع القضية، ولأن الاحكام الجزائية تكتسب الدرجة القطعية ووجوب التنفيذ، حين تبلغ درجة البتات، الا أن مقتضيات العدالة توجب اصلاح ما تجده المحكمة من وقائع جديدة عند نظرها للقضية مجددا. وفي جميع الأحوال فان هذا الطريق غير اعتيادي ويخضع لإعادة محاكمة المحكومين الذين اصابهم الضرر نتيجة الاحكام الصادرة، وطريق إعادة المحاكمة استهداف للنظر مجددا بقضية سبق أن تم النظر فيها وفقا للقانون، إلا أن المدة المقررة للطعن تمييزاً كانت قد مضت، بعد توفير فرصة للمدان أن يعاد النظر في الحكم الصادر بحقه مع توفر سبب أو أسباب نص عليها القانون، والذي يشكل ضمانة أكيدة من الضمانات التي يوفرها القانون لكل متهم.
إن طريق إعادة المحاكمة يختلف عن الحكم الغيابي، والذي لم تتوفر فيه الفرصة للمتهم للدفاع عن نفسه وتقديم الأدلة والسندات التي تدحض الاتهام، ولهذا فان الأحكام الغيابية الصادرة من المحكمة الجزائية، يتم حفظها بإضبارة القضية إلى حين تسليم المحكوم عليه نفسه إلى المحكمة أو أن يتم القبض عليه، فتقوم المحكمة المختصة بإجراء محاكمته مجددا، حينها وبعد إجراء المحاكمة، تصدر حكما جديدا وموافقا للقانون وقابلا للطعن تمييزاً.
أما في حال إعادة المحاكمات التي تجري المطالبة بها، والتي لا يمكن أن تكون خارج نطاق النصوص التي أوردها قانون المحاكمات الجزائية النافذ، خصوصا تلك الأحكام الجنائية المتضمنة الحكم على المدان بعقوبة سالبة للحرية اكتسب قرارها الدرجة القطعية، إلا في حالات محددة نص عليها قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 اسنة 1971 المعدل وهي:
1. إذا حكم على المتهم بجريمة قتل ثم وجد المدعي بقتله حيا.
2. إذا كان قد حكم على شخص لارتكابه جريمة ثم صدر حكم بات على شخص آخر لارتكابه نفس الجريمة، وكان بين الحكمين تناقض من مقتضاه براءة أحد المحكوم عليهما.
3. إذا حكم على شخص استنادا إلى شهادة شاهد أو رأي خبير أو سند ثم صدر حكم بات على الشاهد أو الخبير بعقوبة شهادة الزور عن هذه الشهادة أو الرأي أو صدور حكم بات بتزوير السند.
4. إذا ظهرت بعد الحكم وقائع أو قدمت مستندات كانت مجهولة وقت المحاكمة، وكان من شأنها ثبوت براءة المحكوم.
5. إذا كان الحكم مبنيا على حكم نقض أو ألغي بعد ذلك بالطرق المقررة قانونا.
6. إذا كان قد صدر حكم بالإدانة أو البراءة أو قرار نهائي بالأفراج أو ما في حكمها عن الفعل نفسه سواء كان الفعل جريمة مستقلة أو ظرفا لها.
7. وأخيرا.. إذا كانت قد سقطت الجريمة أو العقوبة عن المتهم لأي سبب قانوني.
ومن الجدير بالذكر أن طلب إعادة المحاكمة لا يترتب عليه وقف تنفيذ الحكم باستثناء حالة الحكم بالإعدام، وطلب إعادة المحاكمة يتم تقديمه إلى الادعاء العام الذي يقوم بالتحقق من صحة الأسباب التي استند اليها، ثم يرسل نتيجة التدقيقات والإضبارة الي محكمة التمييز الاتحادية، وفي حال وجدت الطلب غير مستوف لشروطه القانونية فإنها تقرر رد الطلب، وفي حال وجدت ان الطلب مستوفيا لتلك الشروط فتقرر إحالة الحكم والإضبارة إلى المحكمة، التي أصدرت القرار لإعادة محاكمته وفق الأصول.
وتجري محكمة الجنايات محاكمة المدان مجددا وتصدر حكما جديدا، أما بالإفراج عن المدان وبراءة المحكوم أو انها تصدر حكما جديدا على ان لا يكون الحكم الجديد أشد من الحكم السابق، وقرارها الجديد في جميع الأحوال خاضع للطعن تمييزا امام محكمة التمييز الاتحادية.
كما جدير بالذكر أان طريق إعادة المحاكمات يختلف عن إجراء المحاكمة مجددا، لأن إعادة المحاكمة يكون بعد صدور قرار حكم بات بالعقوبة، والقرار البات قطعي تنقضي به الدعوى الجزائية، أما إجراء المحاكمة مجددا فيصدر بناء على قرار من محكمة التمييز الاتحادية، حيث يتم نقض قرارات الحكم والادانة الصادرة من محكمة الجنايات، وإعادة أوراق القضية إلى محكمة الموضوع للنظر فيها مجددا وسيتحول المدان فيها إلى متهم، ثم تصدر قرارها على ضوء ما يتم عرضه عليها من أدلة وقرائن.
ولن تغيب الحقائق المذكورة عن اللجنة القانونية المختصة في مجلس النواب، ولغرض ألّا يتم التعارض مع القوانين في حال طرح مسودة القانون للمناقشة وقراءته من قبل أعضاء المجلس الموقرين نجد ان من الأنسب التنسيق مع مجلس القضاء الأعلى في هذا الخصوص أمرا ضروريا للمصلحة العامة.