زين يوسف
وصف العلماء والفلاسفة، المعلم بالكثير من الصفات العظيمة، ولا نريد الخوض في هذا العالم الذي يجعلهم يصلون ليكونوا أبطال رواياتنا الخيالية، أولئك الذين جعلونا نلمس المستقبل ونحاور الكواكب والنجوم، ونعلم توقيتات ثوران فوهات البراكين، لا اشتباه في ذلك، فهم أولئك الذين يواسون عقولنا بالقلم والورقة والطبشور.
وفي هذا الزخم من الأبطال الأسطوريين، يأتي الأستاذ خضر الكلابي ليجعلني متأكداً من هذه القوة الجبارة التي يحملها المدرس، ولم يستطع تقييد تلك اللهفة التي تجعله أحد أولئك المميزين في العالم، فيدخل الصفوف ليحل محل التدريسيين الذين يحرمهم العارض الصحي أو الظروف للالتحاق بالدرس، والقيام بمهنة التدريس، لم يكن المنهج هو الأساس الوحيد في سياق تعليمه لنا، كان عالماً كاملاً من المعلومات، كأن الحياة قد أعطته القيادة ليعلمنا إياها كما يجب بطرقه وأساليبه، بوسائل تجعلنا نفهم كل شيء بلا تكرار، يعرفنا كما يعرف موادنا الدراسية، ويربط عقولنا بحبل الفهم في كل ما يقوله بطريقة ذكية ومبتكرة.
لكن، يأتي أطفالنا ليواجهوا مشوارهم الدراسي بالكثير من المطبات، أولها انعدام طرق التدريس وتحديثها، ولم يكن آخرها توقعات ذويهم منهم بالنجاح واستحصال الدرجات التي تؤهلهم ليكونوا مقبولين بالمجتمع بعناوينهم الوظيفية التي يجب تحقيقها في نهاية هذا المشوار، أما نحن فنأتي لنفرض على المعلم أن يكون “خضراً” آخر، فيعلّم الأب ابنه بتمهل ووقت مفتوح وبأجواء دراسية جيدة، وفي المقابل يريد من المعلم أن يقوم بكل تلك الطرق بلا هذه المزايا لصف يصل عدد طلابه إلى ٦٠ طالباً ولمدة ٦ ساعات يومياً، ليست هذه نهاية المعاناة، فحقوق المعلم معدومة، ولا حماية لديه من همجية القبلية عندما تتسلط عليه من قبل أحد ذوي الطلبة في حال رسوب ولده، فتتراشق الاتهامات بالإهمال واللامبالاة، ويتحول المعلم في النهاية إلى آلة تقضي وقتها في المدرسة لتصل إلى يوم استلام المرتب. فمتى يكون كل المعلمين “خضراً” في حدائق عقول أطفالنا؟، ولماذا لا نسقي نحن هذه الحديقة بالصبر والحلم ليكمل كل من المعلم وتلميذه مشوارهما ليلمسا المستقبل كما يجب أن يكون.