الدكتور عبد الرضا البهادلي
تعدُّ النفايات الإلكترونية من الظواهر البيئية التي طغت بشكل سريع ومتسارع مع بداية القرن الحادي والعشرين وباتت معضلة تؤرق المدن ونطاقها البيئي على الرغم من أنها ليست وليدة القرن، وغدت مثار قلق على المستوى القريب والمتوسط. فالمجتمع العراقي، كثير الاستهلاك للأدوات الرقمية التي تندرج ضمن "الأتكيت" ربما السنوي للكبار، والموسمي للشباب والفتيات. وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية أو منتظمة، بيد أن ازدهار التجارة الرقمية في العراق، سواء للجديد أو المستخدم، يوضح حجم وكمية الأرقام الهائلة التي تستهلك في العراق. وهو ما يخلف بالنتيجة نفايات إلكترونية تقدر بـ (20 غراماً) لكل مواطن عراقي شهرياً، وهو رقم كبير لدولة مثل العراق، الذي ما زالت لديه تجارب متواضعة في التخلص من النفايات بصورة عامة، فضلاً عن النفايات العضوية والكيميائية وأنقاض البناء، ولذلك تجده اليوم يعاني العديد من مشكلات البيئة التي أصبحت ربما عصية على الحلول على المستوى القريب، في وقت أصبح ملف التغير المناخي والبيئة حديث الساعة في المؤتمرات الدولية والفعاليات العالمية الكبرى، وصار يشكل تهديداً حقيقياً للبشرية، لما يمثله من انعكاس على الظواهر السلبية، ومنها الاحتباس الحراري والتصحر والتغير المفاجئ بالمناخ.
هذا الأمر، حفز العديد من المختصين إلى الدعوة للعمل بجد من أجل تحقيق (الحياد الكاربوني) أي (صفر كاربون) على المدى القريب والمتوسط والتحول نحو الطاقة النظيفة والمتجددة مثل الطاقة الشمسية والطاقة التي تنتجها الرياح، والمصادر الأخرى القليلة الضرر البيئي.
إن التحول إلى الطاقة الخضراء يحتاج إلى بنى تحتية وإنمائية، فضلا عن بنى فوقية لا تقل أهمية عن ذلك. فوجود اقتصاد أخضر يقود إلى عالم صحي وأكثر نظافة ونجاعة واستدامة، ويضمن للأجيال اللاحقة العيش بأمان والاستفادة من كنوز الأرض وعدم استنزاف الموارد.
في بلدنا العراق، نطمح إلى أن تتوفر حلول ناجعة وسريعة لموضوع البيئة، ومنها النفايات الإلكترونية التي لا تحتاج سوى مساحة إعلامية وحاويات قمامة خاصة لتلك النفايات تتميز بألوان ثابتة تسهم في حل جزء من المشكلة، التي تحولت إلى ظاهرة، وهي تشكل اليوم تحدياً جديداً أمام الجهات التنفيذية والتشريعية، للتوصل إلى السبل الأكثر نجاعة في معالجة تلك الظواهر، التي يظن البعض أنها باتت مستعصية على الحل، وهو إدعاء غير صحيح. وذلك لأننا تعلمنا منذ نعومة أناملنا أن "بهمم الرجال تزول الجبال".