حمزة مصطفى
حتى على عهد الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي السابق "
1945 - 1991" لم يجر الحديث عن نشوء مدارس ترتبط بالرؤساء الأميركان بمن فيهم الرؤساء الاقوياء من امثال جون كندي " قتل عام 1962" أو ريتشارد نيكسون " استقال عام 1972" اثر فضيحة ووترغيت ولا رونالد ريغان " 1980 - 1988". بل حتى على عهد وزراء خارجية كبار من أمثال هنري كيسنجر على عهد نيكسون، ومن بعده جيرالد فورد أو جيمس بيكر على عهد جورج بوش الأب لم تنتشر تسميات مثل الكسنجرية أو البيكرية. لكن على عهد رئيسين اميركيين صعدا، ربما بالمصادفة بالقياس إلى المدارس الفكرية التقليدية في الولايات المتحدة، بدأ يجري الحديث عن انتشار عقائد سياسية ترتبط باسمها.
فبعد وصول أول رئيس أميركي اسود " باراك أوباما" في أوائل العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين انتشر مصطلح " الاوبامية" مرتبطا باليسار أو النيو برالية. وبدا هذا التيار وكأنه يقود الولايات المتحدة الأميركية، التي بدأت تفقد لقب القطب الأوحد بعد صعود فلاديمير بوتين إلى عالم جديد مفارق لما يجري في أوربا حيث بات يسيطر اليمين المتطرف. واذا كان صعود أوباما إلى سدة الرئاسة برغم انه اسود ونصف مسلم "باراك حسين أوباما " بدا أمرا مفاجئا فإنه مع صعود اثنين سود قبله إلى منصب وزير الخارجية " كولن باول" ومستشارية الأمن القومي " كونداليزا رايس"، فإن الأمر بات أقرب إلى ماهو شبه طبيعي بالقياس إلى صعود ابيض إلى الرئاسة في أميركا، لكنه قادم من عالم المال والعقارات " دونالد ترمب" بدا أكثر من مفاجئ.
ولعل الأمر الأكثر إثارة وغرابة أن ترمب، الذي باتت ترتبط باسمه مدرسة سياسية اسمها "الترمبية"، مثل تلك التي ارتبطت باسم أوباما وهي " الاوبامية" فإن ترمب المطارد بعشرات الدعاوى القضائية عاد ثانية إلى منصب الرئيس بعد فارق 4 سنوات فقط، ليعود هذه المرة أكثر قوة.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل نحن حيال تسميات متسرعة مثل الأوبامية أو الترمبية، أم نحن حيال تحول فكري وسياسي عميق استوجب ظهور مدارس فكرية جديدة في أميركا ترتبط برؤساء مختلفين في كل شيء، وفي بلد قادر على استيعاب كل التحولات الفكرية والسياسية وصهرها ضمن منظور جديد؟ في الواقع أنه مع ارتباط ظهور أوباما بموجة من التحولات الفكرية والسياسية في العالم والولايات المتحدة، فإن ظهور ما يسمى بالأوبامية، بدا وكأنه ظاهرة طارئة أكثر منه تيار فكري أو سياسي، يمكن أن ينتج منظومة فكرية تستمر بعده لفترات زمنية طويلة. الأمر نفسه في ما يتعلق برونالد ترمب، فإنه مع سقوط الاوبامية المبكر بعد هزيمة كاميلا هاريس، فإن فوز ترمب الكاسح لا يعني بالضرورة صعود مدرسة فكرية سياسية جديدة في أميركا اسمها الترمبية. فالترمبية من وجهة نظري ليست اكثر من ظاهرة لن تعمر طويلاً بعد ترمب، لأنه لا توجد أسس فكرية عميقة لكلا الظاهرتين. فعند متابعتنا للانتخابات الأميركية، فإن الحملة الانتخابية لكل من ترمب وهاريس ركزت على قضايا ذات بعد عملي أميركي داخلي مثل الهجرة والضرائب والأجهاض، وهي قضايا داخلية لا تستوجب بالضرورة نشوء تيارات فكرية ثابتة تعبر عنها الآن وفي المستقبل.