التعداد السكاني في العراق .. مسؤولية وطنيَّة لبناء مستقبل مستدام

آراء 2024/11/19
...

 د. محمد سلام

التعداد العام للسكان في العراق ليس مجرد إجراء إداري بحت بل هو أداة هامة للتخطيط والتطوير والمواطن العراقي يلعب دوراً محورياً في هذا الإجراء، حيث يُسهم بوعيه وتعاونه في تحقيق نتائج دقيقة تُستخدم لاحقاً في تحسين الخدمات وتطوير البنية التحتية في البلاد. ومن هنا تأتي أهمية التعاون الفعّال لكل فرد في المجتمع لضمان نجاح عملية التعداد التي يمكنها أن تؤدي إلى تغيير إيجابي في حياة الناس من خلال تحسين تخصيص الموارد وتطوير الخطط التنموية.


يعدُّ الالتزام بالشفافية والمصداقية أثناء التعداد من أهم المهام المطلوبة من المواطن عندما يقدم المواطن بياناته بدقة وصراحة، يساعد في إنشاء قاعدة بيانات حقيقية تُعبر عن الواقع بشكل أفضل بينما التلاعب أو التهاون في تقديم المعلومات قد يؤدي إلى نتائج غير واقعية تؤثر سلباً في سياسات التنمية في البلاد. ومن الضروري أن يدرك المواطن أن هذه المعلومات ستُستخدم فقط لأغراض التخطيط والتطوير وأنها ستكون محمية بسرية تامة من قبل
وزارة التخطيط.
تنبع أهمية المشاركة الواعية في التعداد من دوره الأساسي في تطوير خدمات التعليم، والصحة، والإسكان، وغيرها من الخدمات العامة. فالتعداد يوفر بيانات دقيقة عن عدد السكان ومستويات المعيشة ونسب البطالة، والاحتياجات الصحية، مما يساعد الدولة على توجيه استثماراتها ومشاريعها التنموية بشكل أكثر فعالية. المواطن العراقي ومن خلال تقديم معلوماته بشفافية يُسهم في تحسين جودة هذه الخدمات التي تعود عليه وعلى المجتمع بأكمله بالنفع.
كذلك من المهم أن يكون المواطن جاهزاً للتعاون في إعداد الوثائق المطلوبة مثل البطاقة الوطنية الموحدة، هوية الأحوال المدنية، جواز السفر، البطاقة التموينية، لتسهيل عمل فرق التعداد وزيادة دقة المعلومات. هذا التعاون لا يُسهم فقط في تحسين جودة البيانات بل يُظهر أيضاً التزام المواطن بالمصلحة العامة واستعداده للإسهام
في تطوير بلده.
التزام المواطن بالمواعيد المحددة للتعداد يسهل على الفرق المختصة بالتعداد إتمام العملية بسلاسة وسرعة إضافةً إلى احترام الوقت المخصص للزيارة أو التعداد يوفر الجهد ويساعد على إتمام العملية وفق الجدول المحدد، مما يقلل من الازدحام ويُعزز
من كفاءة العملية ككل.
بهذا الشكل يظهر دور المواطن العراقي في التعداد كركيزة أساسية لنجاحه. فالتعداد السكاني هو عملية وطنية، والتعاون الكامل فيها يُعدُّ واجباً على الجميع، فالتعاون الكامل من جميع المواطنين ليس مجرد إجراء تنظيمي بل هو مسؤولية وطنية واجبة على كل فرد فمن خلال مشاركتهم الفعالة، يتمكن العراق من الاستفادة من نتائج التعداد في تحسين الخدمات العامة وتوجيه السياسات الاقتصادية والاجتماعية نحو تلبية الاحتياجات الحقيقية للمجتمع.