ترنيمة معاداة السامية

آراء 2024/11/24
...

 محمد شريف أبو ميسم 

 

كلما توغل الصهاينة في نهج الإبادات والجرائم ضد الانسانية دون رادع، كلما ازدادوا غيّا وصار من يدين جرائمهم "معاديا للسامية"، اذ تحل لديهم السامية وعلى ما يبدو محل الانسانية، ولا يجب أن يعلو عليها شيء، ما دام جبين الانسانية لا يندى بقطرة خجل ازاء أسلحة التجويع وتقطيع الأوصال بأطنان من القنابل التي تلقى على المدنيين يوميا.

وعبارة "معاداة السامية" ولدت مع ولادة بروتوكولات بني صهيون، اذ تستخدم لقطع الطريق على أي إدانة لجرائم الاحتلال على أرض فلسطين، بدعوى وجود مواقف عدائية مسبقة ضد اليهود، ثم وظّفت ما سمي بالهولوكوست أو محرقة اليهود، التي قيل إن النازية قامت بارتكابها في سنوات سبقت 1945، بوصفها مثالا لمعاداة السامية عبر التاريخ.

وبغض النظر عن صدقية ما قيل بشأن هذه المحرقة وكثرة المشككين بواقعيتها، إلا أنها وفي أسوأ الحالات لا ترتقي إلى مستوى الجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني منذ دخولها قبل العام 1948 إلى الأراضي الفلسطينية حتى تاريخ جرائم الابادات والتطهير العرقي، التي ارتكبت بحق هذا الشعب في قطاع غزة على مدار أكثر من عام.

والسامية مسمى لأقوام من نسل سام بن نوح في رقعة الأرض الممتدة من عيلام في غرب آسيا حتى شرق البحر الأبيض المتوسط، ومن نسل سام جاء العرب والآراميون والأشوريون واليهود. وتوظيف هذا المسمى كان وما زال محاولة ناجحة لتكريس فكرة "أن دولة الاحتلال هي نتاج لسلالة سام" فيما تؤكد الوقائع أن من يغتصبون الأرض الفلسطينية ويحلمون بالدولة الصهيونية الكبرى بحسب الشعار الماسوني "من الماء إلى الماء تترامى أطراف الدولة الصهيونية الكبرى" هم أقوام جاؤوا من أرض تسمى "خزاريا" تقع ضمن أراضي دول جورجيا وروسيا، بولندا، ليتوانيا، هنغاريا، ورومانيا، (أقوام ليست لهم صلة باليهودية، ولكنهم وبحسب آندريو كارينغتون هتشكوك صاحب كتاب كنيس الشيطان، اعتنقوا اليهودية للنجاة بتجارتهم وأموالهم من صراع المسلمين والمسيحيين في تلك الأراضي، ومن هذا العرق الذي يسمى العرق "الاشكينازي" ولدت عائلة "روتشيلد" اليهودية المتطرفة، التي كانت وراء وعد بلفور وبقاء كيان دولة الاحتلال حتى هذا اليوم، وهي تحتكم على نصف ثروة كوكب الأرض حاليا). 

من هذا المنطلق تطايرت شتائم المسؤولين في دولة الاحتلال، عقب إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت لادانتهما بارتكاب جرائم حرب، بوصفه قرارا (حقيرا وعارا على التاريخ بحسب وزير القضاء في دولة الاحتلال، وحقيرا ونقطة سوداء في تاريخ المحكمة بحسب وزير الطاقة، وسخافة قانونية بحسب وزيرة النقل وسخيف ومثير للاشمئزاز بحسب ديوان نتنياهو). وعلى الرغم من اختلاف الشتائم، إلا أنها تشترك في نهاية كل تصريح بترنيمة "معاداة السامية"!