أصول الدولة وأموال الشعب

آراء 2024/11/26
...

بشير خزعل

قانون تمليك الأراضي الصناعية لأصحاب المعامل المنتجة، أصبح محط خلاف كبير في العديد من فقراته، لا سيما بعد أن اختلفت الآراء بين لجنة الاستثمار ولجنة الصناعة في البرلمان العراقي، فالأولى تجد في هذه الأراضي أنها أصول دولة لا يمكن التفريط بها، أي أموال للشعب وليس لأشخاص محددين. وبرغم أن قانون الاستثمار الصناعي جاهز للتصويت بعد أن تم إنجاز القراءة الأولى والمناقشة، إلا أن هذه العقدة بحاجة إلى حل بمشروعية، تحمي حقوق المواطن والدولة على حد سواء، فالحديث الذي تتبناه اللجنة الصناعية عن تمليك هذه الأراضي يشمل مئة ألف إجازة صناعية في جميع مناطق العراق حتى الآن، في حين لا تتعدى الإجازات الحقيقية ( 5000) إجازة صناعية موجودة على أرض الواقع، كما تسرب بعض المعلومات من مصادر مختلفة. أما البقية فلا توجد لها أصول واقعية حسب ما يتم تداوله داخل لجنة الاستثمار، التي ترفض رفضا قاطعا التصويت على هذه
الفقرة من القانون.
وقد يلجأ البرلمان لحل وسط من خلال تمليك الأراضي خارج حدود البلدية لشاغليها من الصناعيين فقط، لكن ثبت أن الحلول الوسطية في العراق لم تأتِ بثمار، لأنها تتغول إلى مشكلات عقيمة في المستقبل، وخلال سنوات قصيرة بفعل التراكمات والاجتهادات التي ترافق تلك الحلول وتبيح التعدي على القوانين الأصلية. بمعنى آخر أكثر وضوحا وأقرب لهذا الموضوع، بعد سقوط النظام السابق منحت أمانة بغداد - بعناوين مختلفة- إجازات لترميم بعض المباني التراثية والأثرية، وتحول هذا الترميم إلى هدم وبناء محال تجارية، بسبب الموقع المميز لتلك المباني والتي وصل سعر البعض منها إلى ملايين الدولارات.!
لسنا هنا بصدد اتهام أمانة بغداد، بل للطرق التي يتم بها التحايل والالتفاف على القوانين لأغراض مادية ومنافع شخصية، وحتى لا تكرر مثل هذه العقد وتشكل عراقيل أمام مشاريع مستقبلية، خصوصا أن قلب العاصمة بغداد لم يعد يسع شيئا، ولا بد من التوسع خارج حدود المدينة، على لجنة الصناعة أن توضح ماهي
تلك المشاريع.. ومدى إنتاجيتها وفائدتها؟ وهل تستحق أن تستملك أرضاً من الدولة لضرورة الإنتاج. وضع العناوين بشكلها الواضح والصريح وتحليل موضوعية تلك المصانع في مدى قدرتها على تقديم خدماتها بشكل مباشر إلى الناس، هو مقياس استحقاقها في الحصول على دعم الدولة.
الاختلاف داخل اللجان البرلمانية على حقوق الناس والدولة ظاهرة صحية بحاجة إلى دعم وأبعاده عن أية ضغوط أو صفقات، لا سيما عندما يتعلق الأمر بأموال الدولة وأراضيها التي يمكن أن يستحوذ عليها أشخاص بغير وجه حق ولأغراض المنفعة الشخصية، التي يمكن أن تحرم مئات آلاف المواطنين من الفائدة المستقبلية لمواقع تلك الأراضي.