شمخي جبر
عرَّفَ الإعلانُ العالميُّ للقضاء على العنف ضد المرأة والذي وقعته الأمم المتحدة في العام 1993 العنف بأنَّه (أي فعلٍ عنيفٍ قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل أنْ ينْجمَ عنه أذى أو معاناة جسميَّة أو جنسيَّة أو نفسيَّة للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحريَّة، سواء أوقع ذلك في الحياة العامَّة أو الخاصة).
وتشير الوثيقة الصادرة عن المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين 1995 الى أنَّ "العنف ضد النساء هو أي عنفٍ مرتبطٍ بنوع الجنس، يؤدي على الأرجح إلى وقوع ضررٍ جسدي أو جنسي أو نفسي أو معاناة للمرأة بما في ذلك التهديد بمثل تلك الأفعال، والحرمان من الحريَّة قسراً أو تعسفاً سواء حدث ذلك في مكانٍ عامٍ أو في الحياة الخاصة.
وتشمل مظاهر العنف المضايقة الجنسيَّة والاستغلال الجنسي والتمييز القائم على أساس االنوع الاجتماعي والتعصب والتطرف.
وأظهر تقريرٌ أصدرته الأمم المتحدة في العام 2001 أنَّ واحدة من بين كل ثلاث نساء في العالم تعرضت للضرب أو الإكراه على ممارسة الجنس أو إساءة المعاملة بصورة أو بأخرى، وغالباً ما تتم هذه الانتهاكات لحقوق المرأة بواسطة إنسان يعرفنه.
ويعدُّ ميثاق الأمم المتحدة الذي اعتُمِد في سان فرانسيسكو في العام 1945 أول معاهدة دوليَّة تشير إلى تساوي الرجال والنساء في الحقوق. وأكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) في مادته الثانية على رفضه التمييز على أساس الجنس وفي المادة الرابعة على رفضه للاسترقاق والاستعباد، وأشار في المادة (16) على سن الزواج الذي هو سن البلوغ، والتساوي في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله.
وقد اعتمدت الأمم المتحدة في (18 كانون الأول 1979)، اتفاقيَّة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو CEDAW"، ودخلت الاتفاقيَّة حيّز التنفيذ في (3 أيلول 1981) كاتفاقيَّة دوليَّة بعد أنْ صادقت عليها الدول العشرون.
وتعدُّ هذه الاتفاقيَّة ثمرة ثلاثين عاماً من الجهود والأعمال التي قام بها مركز المرأة في الأمم المتحدة لتحسين أوضاع المرأة ولنشر حقوقها، إذ وضعت قضايا المرأة ضمن أهداف الأمم المتحدة وضمن أولوياتها، وأصبحت جزءاً من القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتناولت التمييز بين حقوق الرجل والمرأة موضوعاً محدداً، وحاولت معالجته بعمقٍ وبشموليَّة بهدف إحداث تغييرٍ حقيقي في أوضاع المرأة، لذلك فقد اهتمت بوضع الحلول والإجراءات الواجب اتخاذها من قبل الدول الأطراف للقضاء على التمييز ضد المرأة في جميع الميادين.
وتبنت الأمم المتحدة حملة ٢٠٢٤ التي رفعت شعار (كل ١٠ دقائق تقتل امرأة) ( #لا_عذر) منبهة على التصعيد الخطير والمثير للقلق للعنف الذي تتعرض له النساء، لا سيما في المناطق التي تشهد اضطراباتٍ أو حروباً والتي يكون أوائل ضحاياها هم الفئات الأكثر ضعفاً وهم النساء والأطفال. ولعلَّ ما تشهده غزة منذ أكثر من سنة من تخريب ودمار وتهجير وإبادة جماعيَّة يمثل أنموذجاً خطيراً وصارخاً، إذ شمل عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمهجرين فضلاً عن عمليات التجويع التي تمارسها قوات الاحتلال الصهيوني فضلاً عن أنها تقدم مثالاً صارخاً لجرائم الحرب التي كانت النساء أبرز ضحاياها.
ولا بُدَّ من الإشارة الى أنَّ ما يتعرض له لبنان في جنوبه وضاحيته مثالٌ آخر على عمليات إفراغ القرى والمدن من سكانها والتي تشكل جرائم ضدَّ الإنسانيَّة كانت النساء لهن حصَّة مضاعفة من أشكال متعددة للعنف.