وجدان عبد العزيز
يعدُّ التعداد السكاني من الخطوات الحضارية المهمة لبناء دولة حديثة، كونه يقوم بالحصول على معلومات مفصّلة متعلّقة بالسكان، وتسجيلها بصورة منطقيّة وممنهجة، لأن البيانات والإحصاءات، التي يتم جمعها تساعد في اتخاذ قرارات مستقبليّة، وزيادة التخطيط للتنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة، كما أنها تستخدم في التوزيع الأفضل للأموال الحكوميّة والتعليم والصحة، إضافة إلى أهميتها في عمل البحوث الأكاديميّة والأسواق التجاريّة، ولا شك أنها لها القدرة في تقدير الأهداف الإنمائية للألفية الخاصة بالدول، حيث تسهم في معرفة معدّلات البطالة، ومعدّلات الأمية بين السكان، وبكل تأكيد للتعداد السكاني أهمية خاصة في مساعدة القطاع الخاص على اتخاذ القرارات، ولا تقف أهمية التعداد عند هذا الحد بل تتعداه إلى فوائد كثيرة للتخطيط والتطوير الحضري، من هذه المنطلقات يجب ان تتواصل الجهود المكثفة، لأجل استكمال الإجراءات الخاصة بهذا التعداد، لأنه صار حوالي 27 عاما جرى فيه تعداد للسكان في العراق، أي منذ عام 1997م وحددت الحكومة الحالية
20 /11 /2024 موعدا له، حيث سعت الحكومات منذ عام 2005م إلى إجراء التعداد السكاني، لكن دون جدوى، لأسباب سياسية وأمنية حالت دون ذلك.
والتاريخ يحدثنا بأن أول تعداد للسكان حدث في العصر السومري، وتم لأغراض اقتصادية وعسكرية لتحديد عدد الشباب، وخاصة الذكور القادرين على حمل السلاح أو عدد التجار الأثرياء والأسر، التي تدفع الضرائب، وفي عهد الملك كوديا، الذي حكم مملكة" لكش" السومرية من 2144 قبل الميلاد إلى 2124 قبل الميلاد، حيث أجرى تعدادا لسكان المملكة، والذي قدر عدد سكانها حوالي 450 ألف نسمة، اما في العصر الحديث حاولت الحكومة إجراء أول تعداد سكاني بعهد النظام الملكي في العراق، لكنها فشلت لكثرة الأخطاء والغي هذا التعداد، وكان في عام 1927م، ثم أجري تعداد آخر للسكان في عام 1934 لغرض المشاركة في الانتخابات وبلغ عدد سكان العراق أكثر من 3.2 مليون نسمة، وبقي مرجعا للدولة في برامجها الحكومية إلى حين تم إجراء إحصاء آخر عام 1947، بلغ فيه عدد العراقيين ( 4 ملايين و 826 الف) نسمة، وجرت تعدادات أخرى عام 1957، 1965، 1977، 1987، لحد 1997 الذي اشرنا له في المقالة أعلاه..
ولا شك فيه فان عملية عدم الاهتمام بالتعداد يؤدي إلى اثار سلبية على مستقبل التنمية في العراق، واعاقة تحديد النمو السكاني، وبالتالي ظهور بطالة بسبب عدم وضع خطط ناجحة توازن بين حجم السكان وتوزيع الخدمات التعليمية والصحية والخدمات العامة، مما يلحق أضرارا جسيمة بجميع جوانب التنمية في العراق، ومن تقنيات التقديرات السكانية، حيث تقوم بتوجيه التخطيط، وتنفيذ البرامج وتعديلها وتعبئة الموارد، ومن هنا تنبع اهمية الاستجابة للمهمة الانسانية، كون هذه المهمة مرتبطة بوضع خطط ناجحة توازن بين عدد السكان وتوزيع الخدمات، وفق سياسات توفر مرافق مجتمعية خدمية متنوعة، تلبي كل الاحتياجات، بما يتوافق مع عدد سكان كل منطقة وطابعها العام. وتهدف بصفة رئيسة إلى توفير مستويات معيشة صحية ومستدامة وناجحة، لسكان مختلف المناطق من خلال توفير مجموعة كاملة من المرافق المجتمعية، التي تخدم هذه المجتمعات من مراكز صحية وتعليمية، ومراكز خدمات حكومية ومؤسساتية، ومرافق اجتماعية وثقافية، تلبي جميع احتياجات السكان الذين يمكنهم الوصول إليها بسهولة ويسر.