نرمين المفتي
اصبحنا نسمع كثيرا مصطلح "بنك الأهداف" والذي يعني الأهداف التي ستقصفها قوات هذا الطرف أو غيره في الحرب، أية حرب، أي أنه يُستخدم في السياقات العسكرية، أتساءل لماذا لا نعمل على إعادة توجيهه إلى سياقات تنموية ووطنية لتحفيز العمل الجماعي والمخطط لتحقيق أهداف طموحة في مجالات الحياة المختلفة، التي سيحاول هذا البنك المساهمة في مخرجات عملية التعداد النهائية، هنا لا شأن لي في امكانية زيادة عدد النواب، إنما أشير إلى الخطط التنموية المهمة والضرورية ووضع مسودات مشاريع كبيرة، خاصة في البنى التحتية، فضلا عن دعم تحقيق اهداف التنمية المستدامة. وسيسهم هكذا "بنك" الذي سيتبع وزارة التخطيط ليس بتحديد الاهداف بصورة علمية وفنية، انما ستسهم في تحديد المشاريع المتلكئة والتي تعيق تنفيذ الأهداف، وقد يساهم بشكل أو بآخر في تقليل نسبة الفساد، لأن العاملين به وبعد تحديد الاهداف وكما أسلفت بطرق علمية وفنية، سيضعون التكاليف الحقيقية وكيفية صرفها.
أعتقد أن تطبيق هذا المصطلح في المشاريع الوطنية يمكن أن يكون أداة قوية لتحقيق رؤية شاملة لتحسين حياة المواطنين. وللمثال في مجال التنمية المستدامة، سيقوم بوضع أهداف واضحة مثل تقليل نسبة الفقر، توفير فرص عمل، وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحديد أولويات قابلة للقياس، ومتابعة تنفيذها على مراحل. وفي مجال الإسكان سيعمل على توفير خطط لبناء وحدات سكنية لائقة تلبي احتياجات الفئات الأقل دخلًا وتطوير الأحياء العشوائية وتقديم حلول مستدامة للسكن. وفي مجال التعليم والصحة سيحدد أهدافا لتحسين جودة التعليم وتوفير الخدمات الصحية لكل مواطن ودعم الابتكار وتطوير المهارات الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة.
لتنفيذ فكرة "بنك الأهداف" بشكل فعال وتحقيق أهدافك الوطنية، يجب وضع خطة متكاملة تتضمن المراحل الأساسية للتخطيط، التنفيذ، والمتابعة والخطوة الأهم في الابتعاد عن المحاصصة في أسماء الخبراء والكفاءات في التخطيط والتنفيذ ويعرفون جيدا الرؤية والمهام، والذين سيتم الاعتماد عليهم وهم موجودون في الجامعات والوزارات والمؤسسات المختلفة، أي لا يحتاج الكادر إلى تعيينات جديدة، واضافة متاعب مالية إضافية على الموازنة السنوية للبلد.
إن تنفيذ الفكرة يحتاج إلى وضع رؤية واضحة لتحديد مهمة "بنك الأهداف" وأقسامه، وكما اشرنا في مجالات التنمية وغيرها. وسيقوم الخبراء بتحديد الأهداف، استنادا إلى الأولويات التي ستسير اليها نتائج التعداد وستكون هناك أهدافٌ صغيرة قابلة للتنفيذ في فترة زمنية محددة، أي عاجلة وأهداف كبرى أي بعيدة المدى وأخرى متوسطة المدى. إن هكذا "بنك" يحتاج إلى قاعدة بيانات قطعا ستوفرها عملية التعداد، مثل نسبة الفقر والحاجة إلى مشاريع اسكانية وصحية وتربويّة وستوفر ايضا نسبة أصحاب الاحتياجات الخاصة، فضلا عن بيانات القوى العاملة وخاصة الشباب، إن قاعدة البيانات هذه ستساعد في تحديد التحديات والعقبات، لوضع خطط التنفيذ. ولا بد لهكذا "بنك" أن تنشر تقارير دورية عن الأهداف التي حددت ونفذت أو لا تزال في مراحل التنفيذ، مع الإشارة إلى صرفياتها وستعيد الثقة بين المواطن والحكومة التي أضر بها الفساد كثيرا. ولا بأس أن يعمل هذا "البنك" على اقتراح مبادرات مجتمعية وبرامج تأهيل وتدريب للقضاء على البطالة والتي ستعيد الحياة إلى القطاع المساهم وتدعم القطاع الخاص، اي سترفع عبئا كبيرا عن كاهل الحكومة والموازنات السنوية ولا ننسى الإشارة إلى مبادرات خاصة بالريف وتنميته.