إدانة ولكن؟

آراء 2024/11/28
...

 د . صادق كاظم 

 

نتنياهو مجرم حرب لا أحد يختلف على ذلك ويداه ملطختان بدماء أكثر من 100 ألف ضحية على الأقل من شعوب لبنان وغزة والضفة، وهو يتفاخر ويتباهى بتلك الجرائم، ويعتبرها ضرورية للحفاظ على أمن الكيان الهزيل، الذي يعتاش منذ لحظة وجوده على الحروب والدماء والقتل. يتحمل الامريكيون والغرب أوزار زراعة وتأسيس هذا الكيان اللقيط وسط أرض عربية، يعلمون جيدا أن ليس للصهاينة فيها اية جذور أو ملامح تكون قابلة للإقناع بأنها من الممكن أن تكون أرضا شرعية لدويلة جرى تصنيعها في مختبرات الغرب لأهداف جهنمية، أخطرها أن تكون مخلبا للغرب، لضرب أي بلد عربي مسلم، ومنعه من النهوض والتطور وتهديد وحدته بالمؤامرات والفتن والانقلابات، وهذا ما يحصل فعلا منذ اليوم الاول الذي ترسخت فيه دولة الكيان بالتهديدات والحروب والدعم الغربي المتواصل، الذي مكن فيه عصابات متشرذمة جاءت من مختلف بقاع الأرض، من أجل الاستيلاء على أرض فلسطين وتشريد شعبها إلى المنافي، حيث يقيم أكثر 3 ملايين من ابناء الشعب الفلسطيني فيها على أمل العودة اليها يوما ما. قادة الكيان ورموزه من عتاة المجرمين تاريخهم ملطخ بالدماء وسجلهم مثقل بالجرائم والمجازر والتحيز الغربي الأعمى لهذا الكيان، والدعم والرعاية التي قدمت له تسليحا وإعلاما وأموالا سمح لهم بأن يتمادوا في جرائمهم ويتفننوا في ارتكابها، والهجوم الأخير على غزة وما بعدها على أرض لبنان تحت مسميات الدفاع عن امن الكيان شهد ابشع مجزرة دموية على مر التاريخ، حين حشر مئات الآلاف من المدنيين في بقع جغرافية ضيقة، تم بعدها قصفها ليلا ونهارا بنيران المدافع والطائرات والدبابات لتلتهم ارواح النساء والاطفال وكبار السن بلا رحمة أو شفقة، اضافة إلى تهديم البنايات بمن فيها من السكان غير عابئين بهم أو مبالين بما يحدث لهم .

 الصور المروعة التي نقلتها وتنقلها وكالات الأنباء كل يوم عن الاوضاع في غزة ولبنان مثيرة للحزن والأسى وقد جعلت مختلف شعوب العالم بضمنها أوروبا تنتفض وتتظاهر وتحتج على ما يحصل هناك من مجازر، رغم الابواق الصهيونية التي تدافع عن هذا الكيان وتلاحق وتطارد أي صوت شريف، يعبَّر عن رأيه بحقيقة هذا الكيان وبشاعته وإجرامه. القرار الذي اتخذته المحكمة الجنائية الدولية بتجريم كلا من نتنياهو وغالانت يمثل صحوة ضمير متأخرة، واعترافا دوليا طال انتظاره بأن ما يحدث على أرض القطاع هو جريمة حرب تستحق الادانة والشجب وأن وقت الحساب قد حان، وأنه لم يعد بمقدور العالم السكوت امام مناظر المذابح التي ترتكب بحق مدنيين أبرياء باتوا يقتلون عند ابواب المخابز والخيام التي تأويهم .اللافت للنظر في هذه المذكرة انها حظيت بتاييد واسع من قبل دول العالم بضمنها دول أوروبية كانت تقف تقليديا إلى جانب الكيان وتدافع عن جرائمه وهو تحول تاريخي وموقف انساني يحسب لها عندما تتعامل مع هذه المذكرة بجدية ولفتة إنسانية بالوقوف إلى جانب شعب أعزل يواجه بمفرده آلة الموت والتدمير الصهيونية، وتجرم وحشا بشريا مثل نتنياهو ووزير دفاعه المستقيل غالانت. قد لا تسهم هذه المذكرة في تخفيف الام الضحايا ورفع ظلم العدوان عليهم، لكنها ستبقى بمثابة موقف معنوي تجاه هذا العدوان المستمر منذ أكثر عام والحد من الماساة التي يعاني منها الملايين من سكان غزة وكذلك سكان الجنوب والعاصمة بيروت في لبنان، وربما قد لا يتم تنفيذها شانها في ذلك شأن العديد ممن سبقها من مذكرات مماثلة، فضلا عن أن هناك اعتراضا شديدا غير مقبول من قبل ادارة الرئيس الامريكي الحالي جو بايدن، الذي لا يمنحنا سببا مقنعا أو مبررا يجعله يصطف ويدافع عن مجرم مثل نتنياهو، اذ ستبقى هذه المذكرة شاهدا ودليل إدانة واضحا عن مدى البشاعة والاجرام والتوحش لهذا الكيان ورموزه وقياداته .