الحقوقية أنوار داود الخفاجي
تعدّ مشكلة المخدرات من أكثر الظواهر الاجتماعية خطورة في العالم، وقد أصبحت تشكل تهديدًا حقيقيًا للشباب العراقي في السنوات الأخيرة. هذه الظاهرة لا تؤثر فقط على الأفراد الذين يتعاطون المخدرات، بل تمتد تأثيراتها إلى المجتمع ككل، مما يؤدي إلى تدهور القيم الاجتماعية وزيادة معدلات الجريمة. في هذه المقالة، سنناقش أسباب انتشار المخدرات بين الشباب العراقي، تأثيرها على المجتمع، والقوانين التي تهدف للحد من هذه الظاهرة.
هناك مجموعة متنوعة من العوامل التي ساهمت في انتشار المخدرات بين الشباب العراقي، ومنها:
- الوضع الاقتصادي المتردي: يعيش العراق في ظل أزمات اقتصادية خانقة أدت إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، مما جعلهم يشعرون بالإحباط واليأس، ويدفعهم إلى البحث عن وسائل مؤقتة للهروب من الواقع مثل تعاطي المخدرات.
- البيئة الاجتماعية المضطربة: الحروب والنزاعات التي شهدها العراق خلال العقود الماضية أثرت بشكل كبير على النسيج الاجتماعي. عدم الاستقرار الأسري والتفكك الاجتماعي يعزز من احتمال انزلاق الشباب
نحو المخدرات
- سهولة الحصول على المخدرات: ضعف الرقابة الأمنية في بعض المناطق وانتشار تجار المخدرات جعل من السهل على الشباب الوصول إلى هذه المواد.
-غياب التوعية: هناك نقص كبير في حملات التوعية بمخاطر المخدرات، سواء في المدارس أو الجامعات أو وسائل الإعلام، مما يجعل الشباب عرضة للوقوع في هذا الفخ.
تأثير المخدرات
تعاطي المخدرات له تأثير سلبي مباشر على صحة الشباب النفسية والجسدية، حيث يؤدي إلى تدهور حالتهم الصحية وزيادة احتمالية الإصابة بأمراض مزمنة. كما أن الإدمان على المخدرات يضعف القدرات العقلية ويؤثر على الأداء الأكاديمي والمهني و على مستوى المجتمع، يؤدي انتشار المخدرات إلى زيادة معدلات الجريمة، مثل السرقات والاعتداءات، نتيجة حاجة المدمنين إلى المال لشراء المخدرات. كما أن المخدرات تؤدي إلى تفكك الأسر وضعف الترابط الاجتماعي، مما يعمق من مشكلات المجتمع.
القوانين العراقية
في مواجهة هذه الظاهرة، بذلت الحكومة العراقية جهودًا لتشديد القوانين المتعلقة بالمخدرات ومكافحتها. وفقًا للقانون العراقي، يعتبر تعاطي المخدرات أو الاتجار بها جريمة يعاقب عليها القانون. تنص المادة (27) من *قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية* رقم (50) لسنة 2017 على عقوبات تصل إلى الإعدام أو السجن المؤبد لتجار المخدرات.
كما يشدد القانون على أهمية تأهيل المدمنين بدلاً من معاقبتهم فقط. لذلك، تم إنشاء مراكز خاصة لعلاج الإدمان وإعادة تأهيل المتعاطين من أجل دمجهم في المجتمع. ومع ذلك، فإن تنفيذ هذه القوانين يواجه تحديات كبيرة بسبب الفساد الإداري وضعف الرقابة الأمنية في بعض المناطق.
ولمواجهة مشكلة المخدرات بين الشباب العراقي، يجب اتخاذ خطوات شاملة منها:
- تعزيز التوعية: من الضروري إطلاق حملات توعية شاملة في المدارس والجامعات ووسائل الإعلام لرفع مستوى الوعي بمخاطر المخدرات.
- تعزيز الرقابة الأمنية: يجب تكثيف الجهود الأمنية لملاحقة تجار المخدرات والقضاء على شبكات التهريب.
- توفير فرص عمل للشباب: تحسين الوضع الاقتصادي وخلق فرص عمل للشباب سيساهم في تقليل الإحباط واليأس الذي يدفعهم نحو المخدرات.
- تطوير الخدمات العلاجية: يجب توسيع مراكز علاج الإدمان وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للمدمنين وعائلاتهم.
وأخيرًا تعد مشكلة المخدرات بين الشباب العراقي تحديًا كبيرًا يحتاج إلى تكاتف جميع فئات المجتمع، بدءًا من الحكومة وصولًا إلى الأسر والمؤسسات التعليمية. على الرغم من أن القوانين العراقية توفر إطارًا قانونيًا صارمًا لمكافحة المخدرات، إلا أن نجاح هذه الجهود يعتمد على تطبيقها بشكل فعّال ومعالجة الأسباب الجذرية للظاهرة. الشباب هم أمل المستقبل، وحمايتهم من الإدمان واجب وطني يتطلب جهودًا مستمرة ومنسقة.