تحرير الشوارع من الزحامات

آراء 2024/12/02
...

سلام مكي

أكبر معضلة كانت تواجه البغداديين هي الزحامات المرورية، التي كانت تشل الحركة، وتعطل مصالح البلاد والعباد. كانت شوارع بغداد تستوعب أعدادا هائلة من السيارات توفق طاقتها الاستيعابية بأضعاف مضاعفة. الشوارع على حالها لم تمس منذ عقود، الخطط المروية والبلدية، غائبة تماما، مقابل المزيد من السيارات والعجلات التي تتدفق يوميا، دون أي ضابط. جاءت الحكومة الحالية، وسط كم هائل من التراكمات والمشاكل والمعوقات، لتنتشل بغداد وأهلها من محنة، تكاد أن تكون كابوسا لهم، جاءت لتمنح شوارع بغداد حريتها المفقودة، وتحررها من سطوة الزحامات الخانقة والطرق الممتلئة بالسيارات على الدوام. فكانت الأيام الأولى، حافلة بالتخطيط والتصميم لجعل بغداد أكثر إشراقا، وبهاءً، وما إن انتهى التصميم، حتى بدأ التنفيذ، وبدأت معه رحلة شاقة، ومتعبة، ومليئة بالتحديات، رحلة تنتهي بها معاناة البغداديين والعراقيين عموما، من كثرة الزحامات المروية التي تعيق حركتهم وتنقلهم بين مناطق العاصمة.  وحتى يعرف الناس أن تلك المشاريع على رأس اهتمامات الحكومة، كان السيد رئيس مجلس الوزراء على تواصل مستمر مع الجهات المشرفة على العمل، وكثيرا ما كان يزور تلك المواقع، ويطلع على مراحل الانجاز. كأنه يقول: أنا المهندس والمشرف والمتابع للعمل، وفعلا كان الجميع يسابق الزمن لانتهاء العمل قبل موعده، وإتمامه على أكمل وجه. وما هي إلا أشهر، وبدأت المشاريع تفتتح واحدا تلو آخر، من مجسر الفنون الجميلة، وقرطبة ومجسرات عدن وصنعاء وغيرها، التي تنتظر قص شريطها من قبل دولة الرئيس.  إنها أكبر من مجرد مجسرات أو مشاريع لفك الاختناقات المروية كما تسميها الحكومة، بل هي مشاريع كبيرة، تمتد آثارها على قطاعات واسعة وكبيرة، إذ أنها ستساهم الحد من كل التبعات السلبية والخسائر التي كانت الزحمات تسببها. فلو انجزت جميع تلك المشاريع التي يراد لها أن تقضي بنسبة كبيرة على ظاهرة الاختناقات المروية، وتجعل اصطفاف السيارات لمئات الأمتار في الشوارع من الماضي، لرأينا أن الموظف سيصل الى مكان عمله بوقت أقل من السابق، والجندي سيلتحق بوحدته دون الحاجة الى منح الطريق ساعتين أو ثلاثة على حساب وقت أجازته، وسائق الأجرة، لمن يضطر الى إنفاق نسبة كبيرة من أجرته على الوقود الذي يقضيه في الوقوف ضمن طوابير الزحام. ناهيك عن المنظر الجمالي للمدن والمناطق التي أنشئت فيها تلك المجسرات، وما ستعطيه من قيمة حضارية وعمرانية لها.  لقد استطاعت الحكومة، أن تحقق نجالا لافتا فيما تعهدت بتحقيقه، وهو الجانب الأكثر تماسا بحياة الناس، وهو نجاح يحسب لها، ولابد من السؤال في يوم ما: لماذا لم تسع الحكومات المتعاقبة على تحقيق ما تحقق في هذه الحكومة؟ صحيح أن الطريق لا يزال طويلا، وكما قال السيد رئيس مجلس الوزراء أن البرنامج الحكومي لم يتحقق بشكل كامل، وأن هنالك الكثير أمام حكومته ليتحقق، لكن الانصاف يحتم علينا أن نقول أن الخريطة العمرانية لبغداد تغيرت بنسبة كبيرة، والأثر الذي تركته هذه الحكومة سيبقى راسخا في الأذهان، وستتحدث الأجيال عن أول حكومة بعد التغيير، غيرت الخارطة العمرانية لبغداد، وساهمت بخلق جو مغاير عن السائد في السابق، وما يلفت النظر أن مشاريع الحكومة في هذا المجال، لم تنته عند حد معين، بل هنالك مرحلة ثانية سيتم الشروع بها، ولا نعلم ربما هنالك مراحل أخرى سترى النور قريبا مع قرب الانتهاء من افتتاح مشاريع المرحلة الأولى.  إن بغداد بعد سنين قليلة، وفي ظل الحماس الحكومي والرغبة الصادقة في التغيير، ستكون مختلفة تماما عن بغداد اليوم، فسنكون أمام شبكات طرق متطورة، وأنظمة مرورية حديثة، تواكب التطور في الطرق والجسور الجديدة، ناهيك عن الواقع السكني الجديد الذي سيساهم بنقل الثقل من المركز الى الأطراف عبر المدن السكنية الجديدة التي من المؤمل لها أن ترى النور خلال السنين القليلة القادمة.