العلاقات التجارية بين العراق وتركيا

اقتصادية 2024/12/03
...

محمد شريف أبو ميسم

تشهد العلاقات التجارية بين العراق وتركيا على مدار سنوات تحسناً متواصلاً وملحوظاً، على الرغم من تعقيدات ملف أزمة المياه بين البلدين، وكل المعطيات التي تفرزها الأحداث العسكرية على الحدود بين فترة وأخرى.
إذ يتصاعد حجم التبادل التجاري من سنة إلى أخرى بشكل لافت، حتى قفز من 13 مليار دولار في العام 2023 إلى نحو يصل 20 مليار دولار في العام الحالي، ووفق قياسات الميزان التجاري فإن نحو 95 بالمئة من إيرادات حجم التبادل تصبُّ في صالح الجارة تركيا، مع أن أغلب السلع المستوردة منها يمكن إنتاجها في العراق وخصوصاً منها المنتجات الزراعية والأغذية المصنَّعة والألبسة الجاهرة، وربما يكون الفارق في كلف إنتاج هذه السلع في العراق مقارنة بمثيلاتها المنتجة في تركيا جرَّاء انخفاض سعر صرف الليرة التركية مقارنة بسعر صرف العملة المحلية العراقية، ما يرفع سعر كلفة الوحدة المنتجة في العراق مقابل انخفاض قيمة هذه الكلفة لمثيلاتها المنتجة في الداخل التركي.
وبالتالي ميل رجال الأعمال إلى الاستيراد بوصفه الخيار الأفضل من الخوض في عمليات الإنتاج ومخاطر دورة رأس المال، فضلاً عن قرب الأسواق التركية من الأسواق العراقية وسهولة التبادل بين الدولتين الجارتين، مع تقارب الأنماط الاستهلاكية بين الشعبين ما سهّل على المنتجين الأتراك قراءة ملامح السوق العراقي وفقاً للنمط والذائقة التي تقترب نسبياً من الذائقة التركية مقارنة بالأسواق التي تشهد نشاطاً ملحوظاً في علاقاتها التجارية مع الأسواق العراقية ولكنها بموجب الأسباب التي أشرنا اليها لا تستطيع المنافسة مع تركيا بما في ذلك الأردن والسعودية اللتان ترتفع فيهما كلف الإنتاج، وإيران المحاصرة التي لا تستطيع أن تعطي الديمومة لضمان وجود منتجاتها في السوق العراقية، والدول الأخرى التي تشهد تبادلاً تجارياً ملحوظاً مع العراق ولكن حلقة النقل تأخذ مأخذاً في حسابات الأسعار ووقت التسويق مثل الصين، الهند، كوريا الجنوبية، الولايات المتحدة، ألمانيا، البرازيل، اليابان، وأستراليا.
وعلى هذا فإن ما أشار اليه الرئيس التركي في نيسان الماضي خلال زيارته إلى بغداد بالقول :"مصممون على المشاركة بطريق التنمية لتحقيق التنمية التجارية"، والذي يصبُّ في ذات الاتجاه بشأن تحقيق المصالح التجارية التركية، مع توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية مع العراق، يدفعنا للأخذ بنظر الاعتبار ونحن نؤسس لعلاقات طيبة مع الجارة تركيا بعد انطلاق الآليات الجديدة للمباشرة بالتحويلات المالية في سياق التبادلات التجارية خلال زيارة السيد محافظ البنك المركزي العراقي إلى اسطنبول مؤخراً، لتكون الأولوية في حساباتنا الاقتصادية لملف المياه بوصفه الملف الذي سيستخدم لضمان استمرار حصول الجانب التركي على النفط والغاز العراقي، وضمان تحقيق المصالح التركية عبر تدفق السلع إلى أوروبا عن طريق التنمية المار في أراضيها.