الإعجاز في الجنوب والهزيمة في الشمال

آراء 2024/12/04
...

 علي الحسني

 

وتعد الجبهة اللبنانية بمثابة الانتحار للجيش الصهيوني وهذا ما تحقق فعلاً، رغم أن هنالك خسائر في صفوف المقاومة، وهذه طبيعة الحروب، لكن الإعجاز يتمثل بتحقيق النصر المؤزر رغم الخسائر البشرية من قيادات الصف الأول. 

 ولو تعرض أي جيش لمثل ما تعرض له حزب الله لانهار خلال أيام، وهذا ما كان يتمناه الكيان الصهيوني، لكن خاب هو ومن خلفه، إذ أعتقد أنه سيتمكن من القضاء على حزب الله بضربات موجعة، بدأت بقطع التواصل والاتصال بين أعضاء الحزب بعملية البيجر ثم اغتيال القادة واحداً تلو الآخر.

لكن ما لا يفهمه هذا العدو أن من يقاتل في صفوف المقاومة لا يقاتل من أجل شخص، بل هنالك عقيدة يقاتل من أجلها، وإذا استشهد قائده على هذا الطريق فإنه يطلب الشهادة أسوة بقائده، لهذا لم يتفكك حزب الله بعد اغتيال القادة وكذلك وجود البديل الجاهز والناجح لكل قائد يستشهد.

وبالتالي فشل الكيان الغاصب في بداية المعركة على الرغم من اغتياله قادة الصف الأول، وتبخرت أحلام المجرم نتنياهو في القضاء على المقاومة، ولم يكن هدفه من الحرب اغتيال القادة بل كانت له أهداف متعددة وهي: 

1 - القضاء على قدرات حزب الله العسكرية، وهذا لم يتحقق أبداً، بل لآخر لحظة من الحرب الصواريخ تسقط على الأراضي المحتلة، وآخرها نجاح عملية استهداف قائد سلاح الجو الصهيوني.

2 - إرجاع عناصر حزب الله خلف نهر الليطاني، وهذا بحسب قرار ١٧٠١ ، الذي ينص على رجوع حزب الله إلى ما خلف نهر الليطاني وانسحاب الكيان الصهيوني من مزارع شبعا، وهذا ما لم يلتزم به حزب الله ولا الكيان المحتل منذ العام 2006. 

والحزب لن يتراجع خلف نهر الليطاني لا الأمس ولا اليوم ولا غداً وبأي مواجهة مقبلة مع العدو الصهيوني سنجد المقاومة في المقدمة.

3 - إرجاع سكان الشمال الصهيوني، وهذا فشل به الكيان الغاصب فشلاً ذريعاً، حتى بعد وقف إطلاق النار وعودة سكان الجنوب اللبناني إلى مدنهم وقراهم، فإن سكان الشمال المحتل أغلبهم يخشون العودة لأنهم على يقين بأن المنتصر في هذه الحرب هو المقاومة وليس جيشهم المهزوم.

إذاً هزم الكيان الصهيوني، ولم يحقق أي هدف من أهدافه المعلنة، والدليل هو خطاب الهزيمة لنتنياهو الذي ألقاه بعد وقف إطلاق النار، فلم يتكلم عن تحقيق أي هدف أعلن عنه، بل كان كلام المنهزم والبعيد عن الواقع وأهم ما قاله :

-1  (نريد التفرغ لإيران)، أليس حزب الله هو ذراع إيران كما تزعمون؟ وبمنطقكم فأنتم هزمتم أمام ذراع من أذرع إيران فكيف بإيران نفسها؟.

2 - (نريد التفرغ لغزة) وهنا نسأل: هل معركة غزة جديدة حتى يتفرغ جيشكم لغزة؟ وماذا حققتم في غزة على مدار عام؟ وهل ما عجزتم عن تحقيقه في الأمس ستحققونه  غداً؟.

3 - (نريد أن يرتاح الجيش) نقول : هل الراحة تكون في منتصف المعركة والاشتباك العسكري؟  

بل هذا اعتراف من نتنياهو بأن جيشه أنهك في جنوب لبنان وقبله في غزة، وتفادياً لانهيار الجيش لجأ الكيان إلى الهدنة.

4 - (نريد تجديد سلاح الجيش) نقول: ومتى قطعت أميركا الجسر الجوي العسكري عن الكيان الصهيوني حتى يحتاج إلى تجديد السلاح. 

إن هذا اعتراف آخر بوجود نقص في السلاح عند الكيان، ففي غزة دمرت دباباته، وفي جنوب لبنان أيضاً، فضلاً عن النقص الحاد بصواريخ الدفاعات الجوية وبالأخص القبة الحديدية.

إذاً خطاب المجرم نتنياهو هو خطاب اعتراف بالهزيمة وليس خطاب نصر وإنجاز.

ونحن على يقين، بأنه لو كان الكيان الصهيوني هو المنتصر بالحرب، فلن يوافق على وقف إطلاق النار، ولن تسعى أميركا لإيقاف الحرب وإنقاذ نتنياهو من الهزيمة.