وجدان عبدالعزيز
الحقيقة في ظل التسابق في صناعة السلاح النووي وأمثاله من أسلحة التدمير الشامل، وقد يدخل على الخط حرب النجوم المتمثل في امتلاك الصواريخ المضادة للصواريخ النووية، مما يحقق تفوقًا حاسمًا، هذا الأمر قد يجعل قيادات العالم المالكة لهكذا تقنيات في السلاح، أن تتأنى كثيرا في الإقدام على إقامة عداوة تصل إلى حد نشوب مثل هذه الحروب، لأنها لا تبقي ولا تضر، وبكل تأكيد فان حرب النجوم تحتاج إلى إمكانات هائلة، تميل التوقعات العالمية بأن أمريكا فقط تستطيع تحمل هذا، ولكن تبقى التكهنات هذه غير حاسمة، لصعود قوى اقتصادية لا يستهان بها مثل الصين، وهناك إشارة لبوتين أن هناك قدرة على إنتاج قنابل وصواريخ نووية، أكثر ما تستطيع "حرب النجوم" امتلاكه من صواريخ مضادة، أو ما يُعرف بـ "القبة الحديدية"، كل هذه المعطيات تعطينا القدرة على ابداء الرأي باستمرار الحرب الباردة، والحرب الباردة أيضا تمتلك تفوقا، كما في الحرب الباردة من ناحية امريكا والغرب، اعتبر الانتصار فيها حسب رأي (ف. فوكوياما)، بمعنى حسم التاريخ لصالح السيطرة الغربية على العالم، لكن معطيات التغييرات التاريخية قللت من هذا، وجعلنا نقول بشيخوخة أمريكا اتجاه تلك التغييرات، هكذا نجد أنفسنا أمام حرب باردة أخرى يكون الطرف فيها المؤثر الصين بما أحدثته من تطور اقتصادي وتقني وعسكري، تجاوز الهوة، التي كانت قائمة بين أميركا والغرب من جهة، وبين الاتحاد السوفياتي، الذي بقي متخلفًا اقتصاديًا وماليًا وتقنيًا، ثم ان الصراع الأيديولوجي بين ما عُرف بالرأسمالية والحرية الفردية والديمقراطية، وما عُرف بالاشتراكية والشيوعية، لم تتخذه الصين سلاحا أيديولوجيا، إنما اعتمد احترام القانون الدولي، ويساوي بين الأقطاب الدوليين، ومرجعيته ميثاق هيئة الأمم، مع احترام مصالح الشعوب، التي تقرر خياراتها وتحدد نوع أنظمتها. وهذا يناقض الأحادية القطبية، وهيمنة أميركا والغرب على النظام العالمي، وهذا اخف من وطأة القطبية الأحادية، وكان خلاف الصين وروسيا مع امريكا بسبب الصهيونية الأمريكية وخلاصتها إعطاء الأولوية للشرق الأوسط بما يحقق سيطرة الكيان الصهيوني عليه، وتبقى هناك إشارة إنه يجب على أميركا والغرب أن يلحظا خسرانهما ادعاء الديمقراطية وحقوق الإنسان، مقابل "الشمولية"، بعد إمدادهما بالدعم العسكري حربَ الإبادة في قطاع غزة. الأمر الذي سيكون له تأثيره فيمن يتغلب على الآخر في الحرب الباردة العالمية، حتى باتت الأولية لما تحاول الصهيونية فرضه على السياسة الأمريكية، كي يكون إعادة تشكيل الشرق الأوسط خاضعا لاستراتيجية الكيان الصهيوني، (هذه المعضلة في تحديد الأولوية في الاستراتيجية الأميركية ستشكل، مستقبلًا، عاملًا مهمًا في خسارة أميركا الحربَ الباردة الثانية، وذلك على الضدّ مما حدث في الحرب الباردة العالمية السابقة، التي حافظت فيها على أولوية الصراع الدولي مع الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية، ولم تتأرجح بينه وبين أي أولوية أخرى. وذلك بتحديد أين الخطر الحقيقي والأشد الذي يواجه أميركا ويتهدد سيطرتها وسيطرة الغرب عمومًا بالسقوط)، وفي تحليل لمجلة "ذا ناشيونال إنترست"، تقول فيه، ان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين، والتي يحذر التحليل منها، ستعيد تشكيل النظام الدولي بأكمله، بما يحوي من مؤسسات وتحالفات وتدفقات اقتصادية ومناطق صراع أكثر تحيزا، حيث لا يكون فيه تدخل أي من البلدين حينها بهدف السلام، وإنما لإضعاف الطرف الآخر، وفقا للمجلة، والنتيجة التي نراها أن هناك حربا باردة جديدة تختلف عن الأولى بأنها تعتمد الاقتصاد، بعيدا عن الحرب الأيديولوجية القديمة.. ثم أن الخطر الأكبر، إذا اندمجت حرب باردة جديدة بين الولايات المتحدة والصين مع حرب باردة ملتهبة بين الولايات المتحدة وروسيا، بحسب المجلة، مشيرة إلى أن "العالم في هذه الحالة سيصبح أكثر دمارا وخطورة مما كان عليه في الفترة الممتدة من أزمة برلين عام 1948 وحتى أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، بسبب العولمة والاقتصاديات المتشابكة في العالم وسلاسل التوريد المعول.