التكامل الأمني الوطني والإقليمي

آراء 2024/12/12
...

 علي حسين عبيد

ببساطة شديدة لا يمكن لدولة أن تعيش آمنة في منطقة مليئة بالنزاعات والحروب، فعندما تكون محاطاً بمجموعة دول قلقة، فإن هذا الاختلال الأمني سوف يتسلل إليك آجلا أم عاجلا، وطالما أن بلدنا العراق يعيش في بؤرة من هذا النوع، تعج فيها الصراعات والنزاعات، فإن هذه الاختلالات الأمنية سوف تنعكس على العراق.


وقد أثبتت الأحداث الماضية التي تقع ضمن تاريخ العراق المنظور، بأنه سرعان ما يتأثر بالأحداث الأمنية المجاورة، لهذا ينبغي أن تكون لدينا في العراق حالة استباقية لمعالجة مثل هذه الاحتمالات، والتصدي للاختراقات المحتملة، ولا بد أن نحصل على الخبرات التي يمكنها معالجة مثل هذه الأمور والتعامل معها بدراية وذكاء وتوازن يحفظ للعراق مكانته بين الدول المحيطة ودول العالم أيضا، إضافة إلى أهمية تأمين أوضاع العراق عسكريا، حماية الحدود (كما تفعل الأجهزة الأمنية اليوم)، لا سيما عند الحدود السورية العراقية، وفي منطقة سنجار عند حدود محافظة نينوى، وفي مناطق حدودية أخرى من العراق.

فمثل هذه التأمينات تمثل خطوة جيدة ومتقدمة جدا، لمواجهة أي حالة اضطراب أمني قد تنتقل من الدولة التي تحدث فيها إلى العراق، فما يجري الآن في سوريا، يمكن أن يتأثر به العراق، وليس بعيدا أن تتكرر حالة (داعشية) جديدة، إذا لم تأخذ الجهات العراقية المختصة هذا الأمر بالحسبان، فالخبرة التي حصلت عليها الأجهزة الأمنية كفيلة بوضع الخطوات الصحيحة لتأمين الوضع العراقي، مع أهمية التنسيق الأمني الإقليمي، فحماية العراق وحدوده وأراضيه لا يمكن أن تحصل في معزل عن التنسيق مع الدول الأخرى، كذلك من المهم أن تكون قضايا التعامل مع ما يحدث واضحة وصريحة وقائمة على مبادئ ثابتة تتطابق مع قوانين الأمم المتحدة، وفي الوقت نفسه تراعي العلاقات الثنائية للعراق مع الدول المجاورة له.

وانطلاقا من هذه الرؤية لا بد للعراق أن يسعى لتحقيق التكامل الأمني الإقليمي مع دول المنطقة، بالإضافة إلى استعداده الذاتي الداخلي في معالجة الأوضاع التي تصب في تدعيم وتقوية الأوضاع الداخلية، فالدولة تمتلك عقلية سياسية معينة، وعليها أن تضع مصلحة العراق والعراقيين في المقدمة، وأن تتخذ القرارات التي تهدف أولا وأخيرا إلى استقرار العراق وضمان وحدته، وفي نفس الوقت، أن يُصار إلى عملية تنسيقية متواصلة مع الدول الإقليمية التي تسعى لضمان أمنها واستقرارها وهذا حق مشروع ومكفول لجميع الدول من دون استثناء.

من الواضح أننا نعيش اليوم في واقع سياسي محتدم، وعلينا أن نتعامل مع هذا الواقع وفق الأوضاع الأمنية التي تحمي أرض العراق وشعبه ومصالحه الاقتصادية والاجتماعية، ومثل هذه الأهداف الكبيرة، لا يمكن أن تتحقق ما لم تتصدَ لها إرادة سياسية وعقلية ذات رؤية عميقة، تزاوج بين حماية الأمن الذاتي، ودعم الاستقرار الإقليمي، كونه يصب في نشر الأمن والسلام في العراق وفي المنطقة الإقليمية كلها.