غيداء البياتي
هناك بعض المهارات الحيوية، يجب على كل إنسان أن يكتسبها ويجعلها من أولويات التعامل مع الآخرين، أهمها تلك التي تحافظ على ديمومة العلاقات والشعور بالسعادة .
في الحقيقة إنني وعن طريق الصدفة التقيت الأسبوع الماضي بشخص ملامحه معروفة بالنسبة لي لكني وبسبب ذاكرتي التي بدأت تلتبس عليها التواريخ وتتداخل فيها الأحداث والأشخاص مؤخراً لم أتذكر اسمه وأين يعمل، ألقى عليّ تحيته بحرارة وكأنه يعرفني منذ وقت طويل مضى، أما أنا فتلقيته ببرود واستغراب، ما أثار انزعاجه قائلاً: «هاي شنو زهايمر مبكر معرفتيني؟» أنا فلان الفلاني جار بيت أهلك وكنت معك في الابتدائية، وقفت صامتة أمامه وحاولت أن أستذكر مع نفسي ما إذا كان هنالك موقف بيننا حدث بالصدفة أو التخطيط المسبق يقتضي إلى تلك «الميانة» بحيث سولت له نفسه الأمارة بالسوء أن يتهمني بالنسيان، عبرت له عن استيائي من كلامه وأسلوبه المستفز، لكن هذا الشخص الذي نالت أمه مني أسوأ الشتائم السريَّة لمجرد اتهامي بالإصابة بالزهايمر؛ واصل حركاته المستفزة وظل يضحك ويقول «حرامات بيج الربه شكد جان والدي يلعبج من جنتي صغيرة»، أحسست أن قلبي ينبض من اليمين، وأنَّ بي حاجة إلى مليون لتر من الشجاعة، بحيث تمكنني من الرد عليه بقساوة؛ لأنه أثار غضبي للمرة الثانية بكلامه الذي كان جارحاً أكثر مما هو محرج، لكن ما شفع له هو ذكرى جميلة لوالده الذي كنت أحبه وأحترمه كثيراً، زيادة على أن وصفه الجارح جعلني أتقصى عن هذا النوع المستفز من الشخصيات التي تواجهنا في الحياة، ففوضت أمري إلى الله وأكملت طريقي، وبعد استشارة زملاء مختصين بعلم النفس قالوا: «إن الشخص المستفز يعمل دائماً على إثارة غضب الطرف الآخر، ربما لأنه يشعر بالنقص أو لجذب انتباه من حوله، ويكون وقحاً في كلامه، وعلى الأرجح فإن علماء النفس أكدوا خلال أكثر من دراسة أن حب استفزاز الآخرين يمنح الشخص الاستفزازي الشعور بالسعادة، وإذا كان الشخص المستفز على دراية بأن سلوكه السلبي يثير استفزاز الآخرين ويواصل تصرفاته فهو يعكس خللاً في سلوكياته ونمط تنشئته».
ما أريد قوله هو أن على ذلك الإنسان إعادة بناء شخصيته ليرتقي بالحياة إلى الأفضل عن طريق الاستشارة النفسية من أجل العلاج بشكل سليم، يجعله يستطيع تكوين صورة إيجابية عن ذاته لدى الآخرين.