المنازل تتحوّل إلى بيئة دراسيَّة

اسرة ومجتمع 2024/12/22
...

 بغداد : مقتدى أنور

مع اقتراب موسم الامتحانات النصفية، تشهد المنازل تحولاً في طبيعة الأنشطة اليومية، ضمن سعي الأهالي لضمان بيئة دراسية ملائمة تساعد أبناءهم على النجاح. في وقت تعاني فيه الأسر من ضغوط التوقعات الأكاديمية، يتعاون المعلمون والمرشدون التربويون مع الأهالي لتوفير بيئة نفسية وصحية تسهم في تقليل التوتر وتعزيز أداء الطلاب.

أجواء ملائمة للمذاكرة

يقول أحمد الكربلائي، ولي أمر أحد الطلاب لـ «الصباح»: «في هذه الفترة، نركز على توفير مكان دراسي بعيد عن الضوضاء، حرصاً على أن يكون المكان مريحاً، مع توفير جميع الأدوات التي قد يحتاجها ابني من كتب ومستلزمات المذاكرة».

إضافة إلى تجهيز البيئة المادية، يشير الكربلائي إلى أهمية الدعم النفسي في هذه المرحلة، قائلاً: «نحرص على أن يكون الجو العام خالياً من التوتر، ونأخذ فترات راحة بين جلسات المذاكرة لتخفيف الضغط، كما نقوم بالاستماع إلى أسئلته ومساعدته في فهم واستيعاب المواد الصعبة».

أما كريمة حميد، والدة أحد التلاميذ، فتؤكد أهمية تنظيم وقت المذاكرة وتجنب أي عوامل قد تشتت انتباه الطلاب، مشيرة إلى أنها تقلل من الزيارات الأسرية وتبتعد عن النقاشات المثيرة للقلق خلال فترة الامتحانات. وتضيف قائلة: «نحن نركز فقط على المراجعة والتحضير، وأقوم بتشجيع ابني دائماً، وتقديم مكافآت عند تحقيقه نتائج جيدة».


تعاون المدرسة

في ظل التحول الذي يشهده المنزل إلى بيئة دراسية، يتعاون المعلمون مع الأهالي في تقديم الدعم الأكاديمي والنفسي للطلاب، وبهذا الصدد يشير الأستاذ مراد الموسوي، مدرس في إحدى مدارس الكرخ، إلى أن «المعلم يجب أن يكون مصدراً للاطمئنان والتحفيز، وليس مجرد موجه أكاديمي فقط، مع وجوب التأكيد على أن 

الأسئلة ستكون ضمن المنهج الدراسي، وأن المراجعة الجيدة هي مفتاح النجاح».

ويضيف الموسوي: «دورنا لا يقتصر على تدريس المنهج، بل يشمل أيضًا تقليل التوتر في الصفوف الدراسية من خلال التأكيد على أن الامتحانات ليست مصدراً للقلق، فإذا شعر الطالب بالثقة والاطمئنان، فإن أداءه سيتحسن بشكل طبيعي».

أما في ما يتعلق بتوفير الدعم النفسي، فيؤكد الموسوي أن «المعلم يستطيع أن يلعب دوراً مهماً في تحفيز الطلاب على الدراسة بفعالية، لكن هذا يتطلب تعاوناً مستمراً مع أولياء الأمور لضمان استقرار الحالة النفسية للطلاب في فترة الامتحانات».


الإرشاد التربوي

منتظر غازي، مرشد تربوي في إحدى المدارس، بين «أن من أبرز التحديات التي تواجه الطلاب في فترة الامتحانات هو التوتر الناتج عن الضغوط، وأن الطلاب غالباً ما يشعرون بضغط كبير من الأهل أو من أنفسهم، ما ينتج عنه القلق والإرهاق الذهني، ويؤثر سلباً في أدائهم في الامتحانات».

مضيفاً «من خلال التواصل المستمر مع الطلاب، يمكن للمرشد التربوي أن يساعدهم في إدارة وقتهم بشكل منظم، وتقديم تقنيات للتعامل مع التوتر والقلق، مثل تقنيات التنفس العميق والتأمل، كما يشير إلى 

أهمية تعزيز الثقة بالنفس لدى الطلاب من خلال تذكيرهم بإنجازاتهم السابقة».


الدور المجتمعي

من جانب آخر، ترى الباحثة الاجتماعية ريا القحطاني أن الدور المجتمعي لا يقل أهمية عن الجهود الفردية، مشيرة إلى أن «الأسر يجب أن تضمن بيئة هادئة ومستقرة للطلاب بعيداً عن أي ضغوط قد تشتت تركيزهم، وضرورة أن يتم الامتناع عن تكليف الأبناء بأي أعمال منزلية خلال هذه الفترة، وألا يتم السماح لهم بالتعرض لمناقشات حادة أو مشكلات قد تثير القلق».

كما تدعو القحطاني إلى زيادة الوعي في المجتمع حول أهمية الدعم النفسي في فترة الامتحانات، مشيرة إلى أن الطلاب يحتاجون إلى فهم المجتمع لدورهم في التأثير على أداء الأبناء، وأن الظروف النفسية الجيدة هي أساس التفوق الدراسي