سعاد البياتي
في واقع الحال وقفت على قضية أثارت انتباهي، وأخذت في البحث عن قصصها التي بدت مألوفة حتى في عصرنا الحالي، ومما أثار فضولي وتجربتي في العمل الأسري والاجتماعي، فمنذ فترة قليلة زرت أحد أقربائي كعرف خاص بتقديم الواجب لولادة حفيدهم الأول، وبعد التهنئة عرفت أن اسمه (خضير) ولما لاحظوا اندهاشي من ذلك، أجاب الأب بأنه أحب أن يجعل من ذكرى والده المتوفى حية في الذاكرة والبيت، اعتزازاً وإكراماً له، هنا استوقفتني هذه الحالة والتي قد نسمعها في بيوت أخرى، إذ تعد من العادات الاجتماعية أو مما يصفونه ببر الوالدين ومحبتهما حسب التعبير المتداول، وقد نجد الأمهات غير مقتنعات بما يعتز به الأب، وهذا ما شعرته في عيون الزوجة التي عبرت عن استيائها من الاسم، حيث أثارت قضية مهمة، وهي أن اختيار اسم المولود ليس له علاقة بالأجداد، فكل يحيا في زمانه وبمدى التطور والحداثة التي يشهدها الزمن، فالأجداد لهم ذكراهم وبرهم بوسائل أخرى، ونحن مطالبون بأن نختار لأولادنا أسماء جميلة ومتماشية مع العصر، وليس أن نخاطر في تعرضهم للتنمر والسخرية بأسماء غريبة وقديمة.
العديد من الأزواج يصرون وبشكل قاطع على هذا الموضوع، ما يثير المشكلات الأسرية، ويسبب الخصومة بين الأهل، مع أن القضية لا تستحق أن يقف عندها الوالدان، فمع تطور العصر تتطور معه كل الأشياء، حتى وإن احتفظنا بالتقاليد والعادات المتوارثة، وكذلك الأسماء هي أيضاً تكون ضمن خاصية الزمن ومستحدثاته، والاختيارات تتم بشكل عقلاني بعيداً عن التوترات والأزمات الاجتماعية والنفسية، فالقرار بيد الزوج والزوجة، ومن المؤكد أنهما متفاهمان على التسمية قبل الولادة، بعيداً عن تدخلات الأجداد، وباعتقادي أن في زمننا الحالي للآباء الحرية المطلقة في اختيار الاسم، وأن للأجداد مكانة وقيمة لا يحددهما اسم حفيد أو غيره، من هذا المنطلق تحد المشكلات وترفع غايات التفاهم بشكل يليق بمجتمع متطور ومثالي، وليس التعنت والتصميم الذي كثيراً ما يجرنا إلى سلوكيات غير حضارية لأمور صغيرة، من هنا أدعو الأزواج إلى أن يجعلوا من أسماء مواليدهم ذات قيمة ومعنى جيد؛ لأن الأب محاسب على ذلك من المجتمع، ويستحب تسمية المولود بالأسماء المستحسنة، فإن ذلك من حق الولد على الوالد.