أ.د.جاسم يونس الحريري
تركز نظرية صنع القرار الخارجي للعلاقات الدولية ليس على أساس الدول بصورتها المجردة، وانما على أساس دراسة الدولة من خلال صناع قراراتها، إذ يتم تحديد الدولة بصناع قراراتها الرسميين. فهم يعملون باسم الدولة، ومن ثمّ فإنّ الدولة تعني صناع قراراتها. فالدولة هي لاعب تترجم سياسات وقرارات صناع قراراتها الذين هم بمثابة لاعبين. وهذه النظرية تركز على اللاعبين الأفراد الذين هم صناع قرارات الدولة، وعلى إعادة بناء الموقف كما تم تحديده بواسطة صناع القرار، الذي يعد مسألة رئيسة يمكن أن يساعد لتحليل سلوك هؤلاء الرسميين. وفي التركيز على سلوك الأفراد والمسؤولين عن اتخاذ قرارات السياسة الخارجية، فإنّه يصبح من الممكن تطبيق مبادئ ونظريات علم النفس، وصولاً إلى فرضيات جديدة في مجال التحليل المتكامل لحقائق السياسة الدولية، وذلك باعتبار السلوك الإنساني هو محصلة العديد من العوامل النفسية المعقدة، كالدوافع والمشاعر والتصورات، والتنبؤات المتعلقة بالمستقبل، وأيضاً باعتبار أن هذا السلوك يجمع بين الجانبين العقلاني وغير العقلاني. وإذا عكسنا ذلك على إدارة العلاقات الاقليمية والدولية للسيد محمد شياع السوداني رئيس مجلس الوزراء، سنرى ملامح من ادارته للعلاقات الاقليمية للعراق والعلاقات الدولية في ضوء تطورات إقليمية ودولية مهمة، لعل من ابرزها التغيير الذي حصل في سوريا في 8 كانون الاول/ ديسمبر2024 بسقوط نظام بشار الاسد، وصعود دونالد ترامب الى سدة الحكم، واستمرار جرائم الكيان الصهيوني في حرب غزة، والاعتداءات الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية الأخيرة على اليمن. ويمكن استشفاف العناصر الرئيسي لإدارة الملف الإقليمي والدولي، حيث دعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في زيارة رفيعة المستوى إلى إيران. لأول مرة منذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، إلى اجتماع الجهات الفاعلة الدولية في بغداد لتعزيز الحوار الإقليمي الشامل. ومن المتوقع في هذا المجال أن يواصل رئيس الوزراء السعي للحصول على الدعم السياسي لجهوده من أوروبا والولايات المتحدة الامريكية، إضافة إلى اللاعبين الإقليميين، مثل المملكة العربية السعودية وتركيا وإيران، لتنفيذ استراتيجيته وجعل بغداد ساحة الحوار والتفاهم لمواجهة التحديات المستجدة، وزرع بذور التعايش السلمي في المنطقة. ويقول السيد السوداني في صفحته الرسمية في الفيسبوك (دعونا الى إقامة حوار إقليمي شامل، واعتماد لُغة الحوار كأسلوب أمثل لحل الخلافات بين الدول. وإن العراق يحرص على بناء علاقات متوازنة مع جميع الأطراف الدولية والاقليمية، وبما يحقق مصالح الجميع). كما رفض لغة التهديد واستخدامها في العلاقات الدولية، إذ أنها لا تؤدي إلّا الى المزيد من الأزمات والتوترات، وضرورة احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وطالب السيد السوداني بحوار إقليمي شامل يعزز الثقة بين دول المنطقة، ويضمن الأمن والسلام للجميع. وأدان حرب الابادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في غزّة والأراضي المحتلة. لأن هناك استهدافا ممنهجا للمدنيين العزل، امام مرأى ومسمع المجتمع الدولي، الذي فشل في أداء واجبه بوقف الانتهاكات والجرائم الخطيرة، التي تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
وأشار السيد السوداني من خلال صفحته الى الملف السوري، حيث بين أن استقرار سوريا هو مفتاح لاستقرار المنطقة بأكملها، ودعا الى حل سياسي شامل يحفظ لسوريا استقلالها وسيادتها، ويحد من التدخلات الخارجية. ولا بد من إرادة الشعب السوري، ودعم أي نظام سياسي أو دستوري يختاره السوريون، دون تدخلات خارجية. والعراق مستعد للتعاون مع جميع الأطراف، لتعزيز الاستقرار في سوريا، وتحقيق انتقالة سلمية سلسة لنظام يعكس ارادة الشعب السوري بكل تنوعاته وأطيافه.