يوم زكريا

اسرة ومجتمع 2025/02/02
...

سعاد البياتي 




للعادات والتقاليد العراقية التي باتت مألوفة ومتماشية كل عام، نكهة جميلة ومحببة، لا سيما أن لها قصة أو قضية يقتدى بها وتصبح من الموروثات الاجتماعية المتعارف عليها منذ الأزل وحتى يومنا هذا، ومن هذه العادات (يوم زكريا) الذي يحييه العراقيون كل عام في أول أحد من شعبان الخير، وذلك تيمناً واعتقاداً بنبي الله زكريا(عليه السلام) الذي رزقه الله سبحانه وتعالى بولد وهو في التسعين من عمره.

تحتفل الأسر العراقية بهذا اليوم، خاصة حينما يرزقهم الباري بذرية بعد طول انتظار، فتكون الفرحة مؤطرة بالنذور والتبارك بيوم زكريا والاحتفال مع الأهل والأصدقاء، والأطفال بالخصوص يمرحون على أنغام وكلمات الأنشودة التراثية العريقة (يازكريا عودي عليه كل سنة وكل عام ننصب صينية) وبذلك تشهد البيوت يوماً مميزاً، وتعيش أجواء ممزوجة بالسعادة والدعاء لكل من أراد ذرية وبقراءة القرآن وغيرها من التقاليد التي تنصب في هذا اليوم.

أما الأسواق العراقية الشعبية فتشهد رواجاً معتاداً في اقتناء مستلزمات يوم زكريا، من (تنك ذات ألوان مبهجة وطبول صغيرة وحلوى ومكسرات ومباخر ذات تصاميم مختلفة، وأنواع من التجهيزات الخاصة باليوم، وتعد الأمهات نوعاً خاصاً من الطعام يسمى بالزردة والسمسم المطحون وغيرها مما يخص الصينية المباركة، وكل ذلك يتم بنفوس مفعمة بالخير والمحبة والاستعداد التام لتكون ليلة مبهجة للأسرة والأطفال بشكل خاص.  لقد توارثت الأسر العراقية إحياء ليلة زكريا والتبرك بها واستمرت إلى الآن، ليكون يوماً مميزاً ذا طقوس معتادة، وقد يتم فيه الصوم للبعض حينما يتم العزم على ذلك، ولأنه يوم مميز ومفرح يحدث تبادل الخيرات من الحلوى والطعام بين الجيران والأهل كنوع من التكافل الاجتماعي أو تجديد المحبة والعشرة بينهم، ويعد هذا التقليد من الطقوس الجميلة من حيث الترابط المجتمعي والانسجام والحفاظ على ثيمة وسمة التقاليد العراقية التي يتم إحياؤها كل عام بشكل متجدد، ليس من السهل تجاهله أو تلاشيه، فأغلب العادات المتوارثة ظلت محافظة على قيمتها وشكلها على مر الأعوام.