عبدالزهرة محمد الهنداوي
ربما ينفرد العراق دون غيره من البلدان في تعدد الصناديق التنموية، التي تتشابه كثيرا في مهامها، ولكن لكل منها مساحة جغرافية، تعمل على تغطيتها، باستثناء اثنين من هذه الصناديق، وهما كل من الصندوق العراقي للتنمية، الذي يُعنى بإنشاء بيئة استثمارية جاذبة، لا سيما فيما يرتبط بقطاعي الصحة والتعليم، كأولوية ثم تأتي باقي القطاعات، والثاني هو الصندوق الاجتماعي للتنمية، الذي يُعني باستهداف القرى والمناطق الاكثر فقرا، من خلال توفير الخدمات الاساسية، بتنفيذ مشاريع صغيرة، من قبيل بناء المدارس، والمراكز الصحية، ومد شبكات الماء والكهرباء، وتعبيد الطرق.
اما سائر الصناديق الاخرى، وهي صندوق إعمار المناطق المتضررة من الاعمال الارهابية والعمليات العسكرية، وصندوق اعمار سنجار وسهل نينوى، وصندوق اعمار ذي قار، وصندوق اعمار المحافظات الاشد فقرا، وصندوق سامراء عاصمة العراق للحضارة الاسلامية، فمساحة عملها محددة بجغرافية معلومة.
ولو القينا نظرة على مهام واعمال هذه الصناديق، لوجدنا تشابها كبيرا بينها، هذا التشابه ربما يتسبب في بعض الاحيان بحدوث تقاطع مع البرامج الاخرى، وفي مقدمتها برنامج تنمية الاقاليم، الذي تضطلع به الحكومات المحلية في المحافظات، والبرنامج الاستثماري الذي تنفذه الوزارات الاتحادية في جميع المحافظات.
في المقابل، لا أحد يُنكر ان لهذه الصناديق، عمل في الارض، حيث نحجت في تنفيذ الكثير من المشاريع الاستثمارية والخدمية، وفق الرقعة الجغرافية لكل منها.
وبالتأكيد أيضا أن لكل منها تخصيصات مالية سنوية جيدة، لتمويل المشاريع التي تنفذها، وهنا تأتي مساحة السؤال الذي يمثل ثيمة عنوان هذا المقال، ماذا يحدث لو أننا عمدنا إلى توحيد كل هذه الصناديق في صندوق واحد؟، وليكن على سبيل المثال، الصندوق الاجتماعي للتنمية، الذي أقدم الصناديق الموجودة تأسيسا، واستطاع تنفيذ مشاريع صغيرة في أكثر من 500 قرية منتشرة في 18 محافظة، وفق فلسفة جديدة ومختلفة تعتمد مبدأ (التخطيط من الاسفل إلى الأعلى) بمعنى ان المجتمع المحلي هو الذي يحدد أولويات المشاريع التي تحتاجها المنطقة، وفقا لمعايير الحاجة في القرية المشمولة.
ومما لا شك فيه أن اتحاد هذه الصناديق في صندوق واحد، فإنها ابتداء، ستساعد المُخطِط على رسم صورة واضحة المعالم، وبأبعاد ومسارات محددة، فضلا عن ان التخصيصات المالية ستكون جيدة جدا تدعم تمويل المشاريع بنحو مريح، وسيشكل ذلك تكاملا مع البرامج الاخرى، وهنا ستشهد التنمية دفعة لابأس بها، في جميع القطاعات.. أليس كذلك؟