عودة لتكرار الموقف.. ترامب مرة أخرى

آراء 2025/02/13
...

 علي الخفاجي 

 

منذ توليه مقاليد الحكم في العشرين من كانون الثاني الماضي، أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب حزمة من الاجراءات والتي اعتبرها في وقت مضى من أهم الأولويات، ووعد من خلال برنامجه الانتخابي أن يعمل عليها حال تسنمه للسلطة، عمل منذ اللحظة الأولى على جملة من الأمور وكان أولها ما يخص المهاجرين غير الشرعيين وإرجاع هؤلاء المهاجرين إلى بلدانهم، وكما اصدر مرسومــاً بالضد من المثليين وخصوصاً المجندين في الجيش وأمضى على زيادة الرسوم على البضائع المستوردة من الصين في خطوة منه إلى تحجيم دور الصين الاقتصادي، وسرى الحال على عدد من الدول مثل كوبا والمكسيك والبرازيل، وصرح وباكثر من مناسبة على ضرورة ضم كندا إلى الولايات المتحدة وجعلها الولاية الواحدة والخمسين، وغيرها الكثير من القرارات والتي اطلقت عليها صحيفة (وول ستريت جورنال) بالقرارات المشؤومة، وكيف لا؛ حيث كل هذه القرارات الصادمة قد صدرت، وهو لم يكمل شهرًا من عمر حكومته فكيف تمضي السنوات الأربع القادمة ؟، وماهي المفاجآت التي يحملها ترامب في جعبته!.

على ما يبدو، أن فكرة إعـــادة ترتيب الشرق الاوسط أو كما يطلق عليه اليوم الشرق الاوسط الجديد لم تكن فكرة جديدة، وكما اشرنا في مقالات سابقة حيث انه بعد احداث 11 سبتمبر عام 2001 بدأت الولايات المتحدة وعلى اثر الهجمات التي تعرضت لها بدأت تعمل على تغيير المعادلة في الشرق الأوسط ومن حينها وحسب وصف الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش بأن الدول ستصنف إلى دول صديقة وحليفة للولايات المتحدة الاميركية ودول معادية، بالعودة إلى حرب غزة والعدوان الاسرائيلي عليها والذي استمر قرابة السنة والنصف وما خلفه ذلك العدوان من ضحايا وتشريد لآلاف الأبرياء وتهديم الممتلكات والذي يعتبر من ضمن سلسلة اعادة تكوين الشرق الاوسط الجديد، هنا علينا أن نتوقف قليلاً وندرك ما ورائيات الحرب، وماهي الأهداف الأخرى التي على الاقل لم يعلن عنها، هل الغاية المرجوة هو القضاء عل حماس على حد وصفهم، أم أن الامر أبعد من ذلك خصوصاً إذا ما لا حظنا خطاب نتنياهو قبل ايام والذي اشار فيه إلى القول، نعم؛ إن الحرب على غزة انتهت وحققت ما تصبو اليه، واستطعنا أن نميز من هي الدول التي دعمت وساندت غزة عن الدول التي لم تساند أو الاقل كان موقفها الرسمي مؤيدا لإجراءات اسرائيل، هنا؛ ومن خلال ما اشار اليه نتنياهو بات الامر واضحاً بأن اسرائيل سوف تضع شارة أو علامة لتمييز من هو العدو ومن هو الصديق، وبالتالي لتعرف مديات تعاملها مع تلك الدول، على ما يبدو أن موقف الحياد الذي انتهجتهُ بعض الدول لم يرق للكيان الاسرائيلــي ولا الولايات المتحدة، الأمر الذي دفع تلك الدولتين على فرض سياسة جديدة على كل من مصر والأردن كـــي يأويا سكان غزة على اراضيهم كونهما دولتين ملاصقتين لفلسطين، وبالتالي عليهما مساعدة نازحي تلك المناطق، الأمر الذي جعل من تلك الدولتين وبالأخص مصر أمام مرمى الضغوطات، خصوصا بعد تكرار وتاكيد الادارة الاميركية على هذا الأمر، فهي هنا أما أن توافق على مقترح بايدن الخاص بايواء سكان قطاع غزة وستكون حينها في نظر المجتمع الدولي والعربي تحديدا مشتركة بعملية التهجير القسري، وسينكسر حينها موقفها العروبي القومي، الذي طالما ما كانت تنادي به، أو ترفض تلك الفكرة وتكون أمام مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة واسرائيل، خصوصاً اذا ماعلمنا أن مصر تعيش أصعب فترة لها منذ عقود، حيث بلغ مجموع ديونها الخارجية أكثر من مئة وخمسين مليار دولار وهناك تراجع كبير لعائدات قناة السويس جراء الحرب الأخيرة، وبالتالي سيتم استخدام ملف الديون كورقة ضغط كبيرة على مصر، بالطبع كل هذه التعقيدات، وغيرها من العراقيل، تجعل من مصر في موقف لا تحسد عليه، وهنا نعتقد أن الاستمرار في رفض المشروع الاميركي الخاص باستقبال سكان غزة سيعمل على زيادة العُقد، وبالتالي ستكون مقدمة لأحداث كبيرة في المنطقة.