نرمين المفتي
شهدت الساحة الإعلامية، بداية الأسبوع الحالي تقارير صحفية بسبب مقارنة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شعبيته بشعبية المغنية الأمريكية الشابة والمشهورة تايلور سويفت، والتي كانت مؤيدة شرسة لكاميلا هاريس اثناء الحملة الانتخابية الأمريكية الاخيرة. وقالت التقارير انه بعد نهائي "السوبر بول 59" الذي تمكن فيه فريق "فيلادلفيا إيغلز" من خطف اللقب من "كانساس سيتي تشيفز" الذي تشجعه سويفت والتي تعرضت لموقف محرج اثناء المباراة من خلال صيحات استهجان من جمهور الفريق الاخر عند ظهورها على الشاشة الكبيرة. ليستغل ترامب هذا الموقف للسخرية منها، ليعيد إلى الصحافة التوترات السابقة بينهما. ولم يكتف ترامب بمنشور له على منصته الخاصة معيدًا إشعال التوترات السابقة بينهما، خاصة وانه كان قد نشر على منصته الخاصة "تروث سوشيال" أثناء الحملة الانتخابية وبالأحرف الكبيرة بأنه يكره سويفت. هذه المرة نشر، ايضا، على منصته ساخرا : "الشخص الوحيد الذي واجه ليلة أكثر صعوبة من ليلة فريق كانساس سيتي تشيفز، هي تايلور سويفت" مضيفا بأنها واجهت استهجانا كبيرا من الجمهور وإن "شعار (لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى) لا يرحم على الإطلاق!"، وهو الشعار الذي فيه إشارة إلى الشعار الذي طالما روّج له في حملاته الانتخابية. وقارن ترامب بين شعبيته وشعبية سويفت، ناشرا مقطعي فيديو جنبا إلى جنب، يوثقان حضور الاثنين في الملعب وحصوله على تصفيق وتحية من الجمهور، فيما نالت هي صيحات استهجان.
واثارت مقارنة ترامب نفسه بسويفت تساؤلات عدة حول كيفية نظر العالم إلى رئيس دولة عظمى يقارن ويصرح بتهديداته يمينا ويسارا! وهذه بعض ردود الأفعال من الصحف، التي عبرت بعضها باستغراب استنادا إلى العديد من المراقبين أن انخراط رئيس الولايات المتحدة في جدل مع فنانة يُعتبر غير تقليدي، خاصة في ظل التحديات العالمية التي تتطلب اهتمامه، واضافت ان هكذا سلوكا يثير تساؤلات حول أولويات الرئيس، حيث يتوقع الكثيرون أن يركز على القضايا السياسية والاقتصادية بدلاً من الدخول في مناوشات مع شخصيات فنية شابة وان هذه المقارنة قد تؤثر في صورة الرئيس أمام المجتمع الدولي، حيث يُفضل أن يحتفظ الرؤساء بمستوى معين من الجدية والابتعاد عن الخلافات الشخصية العلنية.
وبعيدا عن نظرة العالم اليه وهو يقارن شعبيته بشعبية مغنية شابة، فإن ترامب يصر على أسلوبه الاستفزازي في السياسة والإعلام، وغالبًا ما يستخدم الجدل كأداة لتعزيز نفوذه السياسي والإعلامي. عندما يضع نفسه في مقارنة مع شخصيات مشهورة، أو يسخر منها علنًا، أو يفصح عما جرى بينه وبين مسؤول آخر إن كان أمريكيًا، أوروبيًا أو عربيا من مباحثات من المفترض أنها سرية، خاصة حين يرفض مقترحا له علنا، محاولا تشويه صورته. وهنا يبرز سؤال مهم وهو: كيف يمكن التعامل مع هذه الاستفزازات؟ ان أسلوب ترامب في المقارنة والسخرية تكتيك يستخدمه لكسب الأضواء وتوجيه النقاش العام إلى مواضيع جانبية، وأفضل طريقة للتعامل معه هي إما تجاهله، أو مواجهته بأسلوب ساخر وذكي، أو تحويل النقاش إلى قضايا أكثر أهمية، بدلًا من الوقوع في فخ الجدل غير المفيد.