موافقون وإن رفضوا هكذا يتصورنا البعض

آراء 2025/02/17
...

 د. أثير ناظم الجاسور


منذ أن وطأت أقدام العصابات الصهيونية الأرض العربية وتحديداً أرض فلسطين وثنائية الرفض والقبول جزء أو قد نعدها بديهية القرار النظام الرسمي العربي، قد تكون صدمة الاحتلال والاستيطان أفقدت الجمع العربي توازنه في بداية الأمر، وقد نتحجج بعدم التماسك وعدم الاستقرار وما للاستعمار من دور في عملية القطع والتقسيم والتوزيع ورسم الحدود، لكن تجربة تلو اخرى بينت وبحدود القطع أن هذه الثنائية هي جزء أساس من أو سمة هذا النظام، الذي بات غير قادر على خلق التوازن ولا فرض الاستقرار، وبين الموقف والآخر وحرب تلد أخرى تقطعت أوصال فلسطين بين رفض عربي لما يجري عليها وموافقة على كل خارطة جديدة تضعها القوى العالمية.

البعض يُحيل ما نعيشه اليوم إلى نكسة ١٩٦٧ والتبجح الرسمي العربي الذي خلق أوهام النصر وشكل أجيال تأمل بإغراق الكيان الاسرائيلي في البحر واجيال أخرى تأمل أن يكون النصر حليف العرب يوماً ما، والبعض الآخر يؤكد أن أنظمة ما بعد الحقبة الاستعمارية، كان لها دور في أن تكون خارطة فلسطين مقطعة الاوصال لغرض ديمومتها ( أنظمة التحرر العربية)، البعض الآخر يرى أن المشكلة تكمن في الخطاب التفكيكي العربي الذي سمح بفتح ساحات للاقتتال العربي - العربي حتى وإن كان بالفكرة، لتطفو على السطح هويات فكرية وايديولوجية كان لها التأثير على سياقات التفكير العربي بما له وما عليه، بالمحصلة فالعقل العربي بات يعيش بمعضلته، التي لا يفهمها حتى الغربي الناتجة عن تراكم الخيبات والقرارات الغير منطقية، والتي أسست لقضية التكتل خارج الحدود بعد أن اكتشفت الأنظمة العربية وبقدرة قادر أن لا مستقبل لها دون الحماية الامريكية- الغربية، لتُعلن بعودة الاستعمار لكن بصيغ وصور 

مختلفة.

اليوم عشنا ولا نزال نعيش مشاهد ذلك الرفض المُتستر على القبول بعد أن بات الأمن العربي ودفاعه المشترك أوراقاً يسطر مضامينها الكُتاب والباحثون للتذكير إن نفعت الذكرى، فلسطين السابع من أكتوبر هي غيرها اليوم بأحيائها وشوارعها المدمرة وأهلها وكل ما تملك، فلسطين ما بعد الهدنة هي رهينة القرار العالمي والموافقة العربية، منذ تولي الرئيس الامريكي ترامب وهو يتحدث عن تهجير اهل غزة لمصر والاردن، أو قد تمتد الرقعة لصحراء الأنبار كمشروع أكبر لما تحمله هذه المدينة من قيمة عسكرية تختص بها (طرف مقاوم) لن تهدأ ولن تهادن الكيان الاسرائيلي، هذا الاصرار الترامبي يواجهه رفض عربي خجول بقدر خجل الفتاة من خاطبيها، فهي بالرغم من عدم إعطاء جوابها القاطع بالقبول، إلا أنها بالنهاية ستعلن موافقتها، فهو واثق جدا جدا من القبول العربي، لا بل مُصر على استقبالهم في البيت الابيض لنقاش المشروع والا سيقطع العون والمعونة عنهم هكذا حال العرب

 اليوم.

 قد نكون متسرعين بإطلاق الأحكام على قضية مثل هذه ونتفاجأ بموقف عربي موحد رافض بالقطع لعملية التهجير حتى وإن كان ترامب بجيشه واقتصاده وشركاته مصر على العمل ضمن هذا المشروع، إلا ان واقع نظامنا الرسمي العربي يُعطي دفعة ملؤها سوداوية مخيفة تمنعنا من التفاؤل حتى وإن كنا نتحدث بملء 

الفم.

سيناريوهات متعددة تضع مقدمات لنهايات مفتوحة بكل ما للقضية الفلسطينية ولشعبها الطامح للتخلص من هذا الكابوس المرعب، فعملية الترحيل من عدمها سبقتها عملية إبادة مرعبة، صمت حيالها كل من ينادي بالإنسان وحقوقه، وإن حصل الترحيل فهو بداية لانكسارات عربية متعددة نهايتها تحقيق فكرة التعامل مع دويلات هوياتية قائمة على الدين والمذهب والعرق لتعلن نهاية المنطقة بكل محركاتها، اما إذا كان الرفض لهذا المشروع عربيا خالصاً ستولد مرحلة جديدة لربيع عربي مختلف هذه المرة نعم يسير فوق حقل ألغام فلا المعادلة العالمية ولا خارطة القوى ستكون بمأمن من ان تتوسع خارطة الرفض لكل المشاريع الامريكية- الصهيونية، بالتالي فإن الكرة اليوم بملعب العرب أنظمة وشعوباً للتغيير اما نحو الموافقة لتنهال علينا المشاريع أو الرفض لتكون أول من يرسم صور

 الرفض.