ترامب وحصان طروادة

آراء 2025/02/19
...

  رحيم عزيز رجب 


ما من أحد لم يسمع بحصان طروادة، وطروادة هي مدينة تاريخية قديمة تقع أقصى الشمال الغربي من أوربا. وتعرف حاليا بمنطقة الأناضول في تركيا الحديثة. وتروي الأسطورة أن حصار الإغريق لطروادة دام عشر سنوات. وحرب طروادة أو حصار طروادة هي واحدة من أشهر الحروب في التاريخ، والتي دارت بين الإخيليين الإغريق الذين حاصروا مدينة طروادة وأهلها ودامت عشر سنوات ذكرت في ملحمتي ( هوميروس، والالياذة، والاوديسا ) ففي الالياذة رويت أحداث السنة التاسعة من الحرب وأهمية طروادة تأتي حين احتلت موقعا رئيسا على طرق التجارة بين أوروبا وآسيا، بعد أسطورة الحرب والتي دارت بين الاغريق، وشعب طروادة. وهو الموضوع الأكثر بروزا في الادب اليوناني وتشكل أساس الالياذة هوميروس. فكان لحصان طروادة المثل من الناحية المجازية للخدعة، أو الحيلة يدعو إلى معقل أو مكان محم بشكل آمن. وقد استعير هذا اللفظ في الخديعة والمكر. فحين فقد الإغريق الأمل في اقتحام طروادة بعد سنوات من الحصار والقتال والذي لم يحقق أي تقدم ملموس. قرر الإغريق اللجوء إلى الحيلة وكان ( أوديسيوس ) أحد أذكي القادة الإغريق صاحب الفكرة المبتكرة، والتي ستقود إلى سقوط طروادة. حين اقترح بناء حصان خشبي عملاق وإخفاء مجموعة من أفضل المحاربين بداخله. ومن ثم يتظاهر بقية الجيش بالانسحاب. تاركين الحصان كهدية للطرواديين، كرمز للسلام. تم بناء الحصان الضخم ووُضِعَ المحاربون الأشداء فيه. ومن ثم سحب الجيش الإغريقي أساطيله متظاهرا بالهزيمة والفرار والابتعاد عن شواطئ طروادة، وإخفاء نفسه في جزيرة قريبة، وسرعان ما خرج الطرواديون لجمع الغنائم، التي خلفها جيش أسبرطة وتوقفوا طويلا أمام هذا الحصان الخشبي الضخم، وقد انقسمت الآراء حوله، البعض رأى أنه فخ، والبعض الآخر اعتبره هدية تنهي الحرب فكان القرار القاتل، وفي نهاية المطاف غلب الفضول والغرور على الطرواديين وقرروا ادخال حصان طروادة إلى المدينة كعلامة على انتصارهم المفترض، أقاموا الاحتفالات، معتقدين أن الحرب قد انتهت أخيرا، ولكن عند منتصف الليل وعندما كانت المدينة تغط في نوم عميق، خرج المحاربون الإغريق من داخل الحصان وفتحوا بوابات المدينة لجيشهم، الذي كان قد عاد في الظلام. اجتاح الاغريق بسرعة وقسوة وبقوة المدينة. أحرقوا المباني، وقتلوا السكان ونفذوا انتقامهم دون رحمة انتهت طروادة وسكانها بشكل مأساوي، وتحققت نبوءة السقوط بسبب خدعة بسيطة، ولكنها مدمرة. وما دعا اليه الرئيس الامريكي من مقترح اليوم أو أمر بتهجير أهالي (غزة ) إلى دول عربية من الذين مَنَّ عليهم بالمساعدات، والعطايا، والهبات وتهديد تلك الدول بإلغاء تلك المساعدات وتوقفها إذا رفضت حكوماتهم، واستئناف الحرب على غزة. والموافقة على استقبالهم بحجة إعادة إعمارها. لعدم صلاحيتها للسكن والعيش بعد تدميرها من قبل حليفتهم إسرائيل وبمباركتهم. لتصبح حصان غزة هي الأخرى. حين تفرغ من أهلها فينقض عليها الجيش الإسرائيلي فلا حماس ولا مقاومة، ولا تصدي وبالتالي ضم الأراضي التي صودرت عام 1948 بعد الاتفاقية الدولية للأمم المتحدة وهي نسبة 60 بالمئة حين ضمت قطاع غزة، والضفة الغربية – بما فيها القدس الشرقية –وسيناء المصرية ومرتفعات الجولان. وتسببت في تهجير المزيد من الفلسطينيين من منازلهم، وتصبح هي الأخرى مستوطنات صهيونية استحالت رجوعها بالشجب والاستنكار، والرفض، واجتماعات القمم العربية. ونقل الحرب إلى أراضٍ عربية، لتعاد السيناريوهات نفسها، ولكن بعيدا عن الأراضي الإسرائيلية لتبقى بمأمن، ولربما لاحتلال أراضٍ عربية أخرى تباعا. والسؤال فهل يرضخ أهالي غزة بالرحيل؟ بعد التضحيات التي وصلت إلى 50 ألف شهيد وآلاف الجرحى والصمود والتضحيات التي قدموها واقتلاع جذورهم لمجرد اقتراح.