ترجمة: نجاح الجبيلي
افتتح ملك أسبانيا فيليبي السادس، برفقة رئيس حكومة إقليم الأندلس، خوان ما مورينو معرضاً بعنوان "الأخوين ماتشادو: صورة عائليَّة" ويستمر لمدة شهرين في مدينة أشبيلية بتنظيم من مصنع المدفعية الملكية.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها عرض الصناديق الوثائقيَّة للأخوين الشاعرين مانويل وأنطونيو ماتشادو، على الجمهور، مما يتيح الوصول إلى الصور والرسائل المكتوبة بخط اليد والطبعات الأولى من كتب إحدى أهم العائلات في الثقافة الإسبانيَّة.
وقد زار الملك هذا الفضاء الثقافي الجديد، في حي سان برناردو، الذي يجمع مئتي قطعة تشمل مخطوطات وكتباً وأغراضاً شخصية وصوراً فوتوغرافية ورسومات ولوحات وشاشات فيديو مع صورٍ متنوعة عن حياة وأعمال الشاعرين. كما اطلع الملك فليبي على بعض الوثائق والمخطوطات الأكثر قيمة، مثل القصيدة الأصلية التي كتبها أنطونيو ماتشادو عند اغتيال الشاعر الاسباني فيديريكو غارسيا لوركا، مع التصحيحات وبقع الحبر من قلمه، وهو أمر شائع جداً في جميع مخطوطاته.
وأوضح مدير المعرض ألفونسو غويرا أنّ هذا الحدث الثقافي يسعى إلى عرض العديد من الصور النمطيَّة التي أثرت على شخصية الأخوين ماتشادو. أولها قطيعتهما السياسية المزعومة، وهو ما لم يحدث في الواقع، إذ "كانا دائماً قريبين جداً ويحبان بعضهما البعض كثيراً، ولم يكن بينهما أي نوع من المواجهة على الإطلاق، وكانا متفقين في أفكارهما ومشاعرهما وكل شيء".
من ناحية أخرى، أشار إلى فكرة عدم المساواة الأدبيَّة المزعومة بين الأخوين، مشيراً إلى أنَّهما "شاعران عظيمان"، وأشار إلى أنهما "مختلفان تماماً؛ يتمتع أحدهما بسهولة غير عادية في الكتابة، ومن ثمَّ فهو شاعر أكثر مرحاً، لكننا في حضرة شاعرين عظيمين، وهذه هي الطريقة التي يجب أن نحتفل بهما". كما أكد على أن أنطونيو ماتشادو لم ينكر أبداً جذوره الأندلسية وكان يخطط للعودة حتى يلتقي بزوجته الشابة ليونور.
من ناحية أخرى، أعرب غيرا عن تقديره الإيجابي لحضور العاهل في إشبيلية "للاحتفال بهذا المعرض الذي يدور حول شقيقين كانا جمهوريين، ولكن قبل كل شيء كانا ديمقراطيين"، وأشار إلى وثيقة في المعرض حيث ذكر الأخوان ماتشادو أن الجمهورية لو جاءت من خلال عمل من أعمال القوة، لكانا ضدها. يمكننا أن نكون راضين عن هذه الزيارة من الملك لأنها تثبت أن إسبانيا جمهورية متوجة".
يمثل هذا المعرض علامة فارقة لدراسات ماتشادو، إذ إنها المرة الأولى التي سيتم فيها وضع مجموعة المخطوطات من مؤسسة "أونيكاخا" جنباً إلى جنب مع تلك الموجودة في معهد فرنان غونثاليث التابع لأكاديمية بورغوس الملكية للتاريخ والفنون الجميلة، والتي تتكون بشكل أساسي من النسخ الأصلية المرتبطة بـمانويل ماتشادو. وقد أسهمت مؤسسات أخرى بعناصر إضافية لهذه المناسبة مثل متحف برادو الوطني، وجامعة إشبيلية، وأرشيف الصور الفوتوغرافية التابع لمجلس مدينة إشبيلية.
يتيح المعرض رحلة عبر حياة الأخوين ماتشادو وعملهما، مع التركيز على الإرث الشخصي والفكري لأجدادهما، أنطونيو ماتشادو ونونييز، وسيبريانا ألفاريز دوران، ووالديهما أنطونيو ماتشادو وألفاريز "ديموفيلو"، وآنا رويز، وكذلك شقيقهم خوسيه ماتشادو رويز، منذ نشأتهم في إشبيلية وحتى نهاية أيامهم، مع التوقف عند أهم لحظات إنتاجهم الأدبي.
وأوضح غويرا أنَّ كون مانويل وأنطونيو شاعرين عظيمين، فذلك لأنهما تربيا وتعلّما في أسرة "غير عادية"، مع جدٍّ لم يكن فقط عميد جامعة إشبيلية، بل كان أيضاً "أول دارويني في إسبانيا، كما يتضح من مجموعات العلوم الطبيعية التي روّج لها والتي تم تضمين بعضها أيضاً في المعرض. وكان والدهم عالم الفولكلور العظيم الذي وقع باسم ديموفيلو وجدتهم امرأة استثنائية سافرت عبر القرى لجمع القصص الشعبيَّة"، وأشار ألفونسو غويرا إلى أنهما كانا متناغمين للغاية إذ بإمكانهما كتابة العديد من الأعمال بشكل تعاوني.
وقد جرى عرض آلة غريبة قديمة المظهر، تلك التي تخيلها مانويل ماتشادو في المستقبل البعيد باسم "آلة التروبادور"، والتي يتم تحريكها بطريقة الذكاء الاصطناعي، إذ هي قادرة على كتابة وطباعة السوناتة على قصاصة من الورق إذا هُمِس بثلاث كلمات في أذنها الاصطناعية.
والجدير بالذكر أن أنطونيو ماتشادو "26 تموز 1875 - 22 شباط 1939" كان شاعراً وأحد الشخصيات البارزة في الحركة الأدبية الإسبانية المعروفة باسم جيل 98. أما مانويل ماتشادو "29 آب 1874 في إشبيلية - 19 يناير 1947 في مدريد" فقد كان شاعراً وعضواً بارزاً أيضاً في جيل 98.
عن صحيفة "لابان غوارديا" الاسبانية