سامر المشعل
المحطة الأولى في حياة الفنانة فائزة أحمد نحو الشهرة العربيَّة كانت العراق، وقد تعامل الشعراء والملحنون العراقيون مع الضيفة المبتدئة بكل حبٍ وكرمٍ في تقديم أجمل الأشعار والألحان، وقد أضاف الملحن رضا علي لصوت فائزة أحمد نكهة خاصَّة من خلال الغناء باللهجة العراقيَّة والروح البغداديَّة، وصقل صوتها بالمقام العراقي وخصوصاً مقام اللامي والنهاوند.
لكنَّ الغريب في الأمر أنَّ الفنانة فائزة أحمد قابلت الكرم العراقي بجحودٍ ولم تذكر قطُّ تعاملها مع الفنانين العراقيين ومحطة انطلاقتها الأولى في أي حوارٍ أو لقاءٍ تلفزيوني، وكأنَّها محت من ذاكرتها هذه الصفحة وذكريات الخمسينيات من القرن الماضي عندما كانت بغداد واحدة من أهم الحواضر العربيَّة في مجال الثقافة والفن، ومحط أنظار الكثير من نجوم الغناء العربي، الذين كانوا يقدمون فنهم في ملاهي بغداد وأنديتها أمثال: نرجس شوقي ونهاوند وهيام يونس وإسماعيل شبانة شقيق الفنان عبد الحليم حافظ، وسميرة توفيق ووديع الصافي.. وغيرهم.
قدم الملحن رضا علي خمس أغانٍ لفائزة أحمد وكان حينها من أشهر الملحنين العراقيين، حتى أنَّ عبد الحليم حافظ عندما قَدِمَ الى بغداد في الستينيات أُعْجِبَ بألحان رضا علي وعرض عليه الحضور الى القاهرة والتعاون معه، بينما كانت فائزة أحمد آنذاك مغنية مغمورة تبحث عن طريق الشهرة العربيَّة.
ومن الألحان التي قدمها رضا علي لفائزة هي أغنية "جيرانكم ياهل الدار"، وأغنية "ما يكفي دمع العين"، وأغنية "شبيك شبيك يا قلبي" وجميع هذه الأغاني من كلمات الشاعر سيف الدين ولائي، فضلاً عن أغنية "خي لا تسد الباب" من كلمات عبد الجبار الدراجي، وأغنية "الله وياك تمهل بحبك" من كلمات عبد الكريم العلاف، والأغنية الأخيرة أعادت تقديمها المطربة سميرة توفيق في أواسط الستينيات لفرط إعجابها بها وأدتها بشكلٍ جميل، بسبب سيطرتها على اللحن وإتقانها للهجة العراقيَّة أكثر من فائز أحمد.
حاولتُ أنْ أبحثَ عن لقاءات تذكر فيها كروان الشرق فائزة أحمد فترة أقامتها بالعراق ولم أجد إلا لقاءً مع التلفزيون الكويتي، تذكر أنَّها تعرضت الى حادث دهسٍ وقعت لها بالعراق، أدت الى إصابتها بانهيارٍ عصبي جعلها تفقد الذاكرة حسب ما تذكر.
خرجت من العراق وسافرت الى مصر وحققت هناك شهرة عربيَّة كبيرة بدأتها مع الملحن محمد الموجي بأغنية "أنا قلبي ليك ميال"، وتوجتها بأغنية "ست الحبايب" مع محمد عبد الوهاب، ثم تزوجت من الملحن محمد سلطان.
يذكر الصحفي كرم نعمة، بأنَّه سأل الملحن رضا علي عن تنكر فائزة أحمد لتجربتها بالعراق وألحانك فقال "غرور الشهرة لا أكثر"!.
لم تكن فائزة أحمد هي الوحيد من تنكرت لفضل العراق، إنَّما هناك الكثير من الفنانين العرب، وهذا يكشف عن ظلمٍ مركبٍ للأغنية العراقيَّة من قبل الفنانين والإعلام معاً.